
ما زالت غوغل تعمل بلا كلل على التأثير في قيادة السيارات، ومن المفاجئ أنها تركز على ذلك أكثر مما تفعل شركات تصنيع السيارات نفسها. وفي أحدث تطور، كشف برنامج السيارة من دون سائق التابع لغوغل عن مركبة جديدة: سيارة صغيرة فيها مقعدان، ولا تحتوي عجلة قيادة أو دواستي وقود ومكابح. ولعل المفاجأة الأكبر هي أن المنافسة لن تأتي من قطاع صناعة السيارات، بل من شركة ناشئة تكنولوجية صغيرة تتخذ من سان فرانسيسكو مقرًا لها.
يتيح منتج Cruise Automation -الذي قامت بطرحه مؤخرًا شركة Y Combinator - إمكانية تحريك السيارة دون سائق، من خلال أداة يمكن تركيبها على سقف السيارة. وتعمل هذه الوحدة -التي أُطلِق عليها اسم Cruise - مع طرازين من سيارات أودي هما A4 و S4 ، ولكن الفريق يعمل بجد على جعل الجهاز مناسبًا للعديد من السيارات من مختلف الأنواع والطرازات. ويهدف الجهاز -كما هو واضح- إلى تحويل أية سيارة إلى سيارة من دون سائق باستخدام هذه الوحدة. ويسمى الطراز المتوفر حاليًا Cruise RP1 ، ويبلغ ثمنه 10 آلاف دولار، أي ما يعادل ثلث ثمن سيارة أودي A4 . وتركيب هذا الجهاز عملية سهلة نسبيًا تستغرق بضع ساعات فقط.
يقوم هذا الجهاز بوظيفة جهاز التحكم بالسرعة داخل السيارات الحديثة، ولكن مع بعض التطوير. فبالضغط على زر، يتولى النظام القيادة ويحافظ على سرعة السيارة. ويُضاف إلى ذلك في الجهاز الجديد كل من التسارع التلقائي والمكابح التلقائية، بالإضافة إلى الدوران حول العوائق.
أكثر أجزاء Cruise RP1 ظهورًا وشبهًا بنظام غوغل، هو حجرة الاستشعار التي توضع على سقف السيارة. وتحتوي الحجرة على كاميرات ورادار ومستشعرات. كما يضم الجهاز حاسوبًا يوضَع في صندوق السيارة وقطع تفعيل تحت الدواسات لإتاحة إمكانية توجيه السيارة، وزيادة السرعة والتوقف بالمكابح.
وفي نموذج مشابه لعمل غوغل على خرائطها، تسعى الشركة إلى وضع خريطة لطرق البلاد، وستشكل البيانات التي يتم جمعها شبكة من معلومات الطرق يمكن مشاركتها بين المركبات التي تستخدم RP1 . ويتضمن ذلك صورًا للشوارع، وإحداثيات بتقنية تحديد الموقع الجغرافي GPS . وستؤدي هذه البيانات إلى إيجاد لائحة من المناطق التي يتعرف إليها النظام ويستطيع الوصول إليها.
وقد تم تصميم تطبيق خاص بـ RP1 ، ويُظهر هذا التطبيق للمستخدمين كل ما يستشعره الجهاز في محيطه، بالإضافة إلى السرعة وعلامات تحديد مسارات الطريق. ويُذكر أن الشركة قد فتحت باب الطلب على 50 وحدة تعد بتسليمها وتركيبها عام 2015 .
وفي مقال نشرته "فوربز"، أشار مؤسس Cruise ، كايل فوغت، إلى أن الشركة تعمل باستقلالية عن مصنعي السيارات، وقال إن العمل مع المصنِّعين بشكل مباشر قد يستغرق ما بين 3 إلى 5 سنوات. ويُذكر أن فوغت هو مؤسس Socialcam ، الشركة التي بيعت لشركة Autodesk مقابل 60 مليون دولار، بالإضافة إلى Justin.tv و Twitch TV ، اللتين تقوم غوغل بشرائهما حاليًا مقابل ما يفوق مليار دولار. وقد غادر فوغت الأخيرة عام 2013 ، قبل شهر من تأسيس Cruise Atuomation .
ولا يتصف جهاز Cruise بالتعقيد الذي تتصف به سيارة غوغل الطموحة. فعلى سبيل المثال، لا يستطيع المستخدم إعطاء الأمر لـ Cruise بالتوجه إلى أماكن معينة، فالجهاز لا يحتوي تلك الإمكانية. إنه -كما ذكرنا- آلة تحكم ذكي بسير السيارة. وقد وصفه صانعوه بأنه "طيار آلي" للطرقات السريعة، وكل ما يضمنه هو "إبقاء السيارة في مسارها، وعلى مسافة آمنة من السيارة التي تسير أمامها". هل هو أفضل من آلة غوغل؟ الإجابة هي لا بكل تأكيد. ولكن، هل هو أكثر قربًا من السوق؟ ربما.
إن ما تقوم به غوغل أكبر بالتأكيد. وقد يعني هذا نجاحًا أكبر، أو انزلاقًا خطيرًا في الفشل. من جهة أخرى، لا يمكن أن يكون منتج غوغل جاهزًا في وقت جاهزية Cruise . وتواجه غوغل عائقًا أكبر هو الجانب التشريعي. فسيارة من دون سائق بعجلة قيادة ودواستين للوقود والمكابح ستكون أسهل قبولًا لدى المُشرِّعين وواضعي القوانين، الذين هم أكثر خشية من الأجهزة التي تضع التحكُّم كاملًا في يد الآلة، وهذا -على ما يبدو- توجه غوغل في الوقت الحالي.