مستقبل تجارة السيارات بالتجزئة

رجوع
Nicholas El Bizri
يونيو 20 2017
معدّات
مستقبل تجارة السيارات بالتجزئة
شارك هذا المقال

مع اتّجاه العالم أكثر نحو الخدمات الرقمية والمتّصلة بالإنترنت والهاتف النقال، تحوّل قطاع البيع بالتجزئة من اتّجاه يحرّكه المنتج إلى اتّجاه يركّز على العملاء. فإذا سبق لك أن طلبتَ أيّ منتج من موقع أمازون أو حجزتَ طاولة في المطعم المفضّل لديك على الإنترنت، فأنتَ تعرف ما نتحدّث عنه. لقد أدّت التكنولوجيا إلى تعطيل قطاع التجزئة، وجعلنا مستقلّين بشكلٍ متزايد من خلال تكنولوجيا الهاتف النقال.

يشقّ المجال الرقميّ طريقه ببطء نحو صناعة تجارة السيارات بالتجزئة حاليًّا. وقد أدركت شركات صناعة السيارات أنّ الناس قد اعتادوا على نمط الحياة السريع والمتّصل بالإنترنت، فبدأت باعتماد التحول الرقمي في استراتيجياتها بفضل الوفورات في استخدام الممارسات الرقمية.

الواقع الافتراضي والمعزّز

اخترق تقنيات الواقع المعزز والواقع الافتراضي العديد من الصناعات منذ ظهورها، بما في ذلك وتحديدًا صناعة السيارات. وتقوم شركات صناعة السيارات بالاستفادة من هذه التقنيات في كلّ من التسويق وممارسات البيع حيث تكون قابلة للوصول إليها بسهولةٍ وكذلك من بعض الوكلاء.

توفّر تقنية الواقع المعزز والواقع الافتراضي خدمةً إضافية لبيانات ومعلومات الإنترنت المتاحة على نطاق واسع، حيث يمتلك العملاء الآن تصورًا متعمّقًا لسيارتهم مع القدرة على إجراء تغييرات على كلّ من الميزات الداخلية والخارجية. ويكونون قادرين على اختبار القيادة وتجربة المركبات المخصّصة لهم على الإنترنت بطريقةٍ لم يسبق لهم تجربتها من قبل بفضل هذه التكنولوجيا. فما هو الفرق إذًا بين الواقع المعزز والواقع الافتراضي؟

إنّ التحسينات التي ينتجها الحاسوب على طبقات الواقع المعزز تفوق الواقع القائم وتوفّر القدرة على التفاعل الافتراضي والذي هو محاكاة اصطناعية ناتجة من الحاسوب لبيئة الحياة الحقيقية، وتكون غامرة وتحفّز كلّ من حواس الرؤية والسمع.

في تجارة السيارات بالتجزئة، يتمّ أساسًا استخدام الواقع المعزّز لعرض المركبات للعميل من وجهة نظر شخص ثالث مع المواصفات والخيارات المختارة. بينما يوفّر الواقع الافتراضي من ناحية أخرى، تجربة غامرة لأول شخص مع تجربة داخل السيارة لعرض الميزات الداخلية لها وكذلك اختبار القيادة.

وعادةً ما يقترن الواقع المعزّز والواقع الافتراضي لتزويد العملاء بتجربة شراء فريدة من نوعها. ونذكر إليكم أدناه نظرة موجزة حول كيفية استخدام كلّ من هذه التقنيات في مجال السيارات:

تتمتّع شركات صناعة السيارات والوكلاء من خلال هذه التقنيات التي لا تزال في مراحلها الأولية وتحتاج إلى الكثير من التحسينات، بتخفيضات كبيرة في التكاليف، حيث ينفق الوكلاء اليوم مبالغ طائلة على مساحات صالات العرض. ووفقًا لبلومبرغ، يتمّ إنفاق نحو 2.75 مليار دولار سنويًّا في الفائدة للحفاظ على مواقع المركبات الجديدة. وعلاوة على ذلك، إنّ إعطاء العميل تجربة مقنعة يؤدي إلى زيادة المبيعات وطلب مواصفات ذات مستوى أعلى.

تجارة التجزئة على الإنترنت

وفقًا لدراسة أجرتها شركة إرنست يونغ، يقضي المستهلكون ما معدّله 10 ساعات يتصفّحون شبكة الإنترنت قبل شراء سيارة. وتوفّر شبكة الإنترنت للعملاء سهولة الوصول إلى كميات هائلة من البيانات والمعلومات، ما يقلّل من الحاجة إلى زيارة الوكالة. وسرعان ما ستصبح مسألة شراء السيارة عبر الإنترنت أكثر شيوعًا مع قضاء جزء كبير من هذه العملية على الشبكة.

يقوم كلّ من شركات صناعة السيارات وشركات البيع بالتجزئة بتجارب تجارة السيارات بالتجزئة عبر الإنترنت. وتُعتبر شركة تسلا إحدى أولى الشركات التي تقوم ببيع السيارات على الإنترنت. فقد أصبح طلب سيارة تسلا تمامًا مثل أيّ تجربة شراء تجري على هذه الشبكة. وكلّ ما يجب فعله ببساطة هو اختيار المواصفات والخيارات الخاصّة ومعاينة السيارة باستخدام الإعداد الثلاثي الأبعاد ثمّ الإشارة إلى توقيت التسليم المفضّل.

بعد إدخال معلومات الاتصال ودفع قيمة الطلب البالغة 2.500 دولار، يتمّ إجراء الدفع النهائي أيضًا على الإنترنت. ويكون للعملاء خيار الدفع عن طريق حساب الخصم المصرفي الإلكتروني أو التحويل الإلكتروني. ثمّ، يتمّ تجهيز السيارة حسب الطلب وتسليمها إلى مركز خدمة تسلا الأقرب إلى العميل لتسلّمها.

وبدأت شركات صناعة السيارات الأخرى مثل هيونداي ومرسيدس وبي أم دبليو وفولفو أيضًا في إعداد تجارب صغيرة خاصّة بها لبيع السيارات من خلال مواقعهم الإلكترونية. ويمكن للعملاء أيضًا تجهيز سياراتهم على الإنترنت ودفع وديعة وتسلّمها على غرار نموذج المبيعات الخاصّ بشركة تسلا. وشهدت فولفو نجاحًا هائلاً مع بيع السيارات بالتجزئة على الإنترنت. وفي العام الماضي، تمكّنت من بيع مجموعة سيارات الدفع الرباعي الخاصّة كلّها والتي بلغ عددها 1.900 سيارة على الإنترنت حصرًا، وتخطّط الآن لتقديم كامل مجموعتها.

كما أعلن موقع البيع بالتجزئة العملاق أمازون مؤخّرًا عن اهتمامه في بيع السيارات على الإنترنت. وستقوم الشركة بتجربة بيع السيارات على الإنترنت في المملكة المتحدة قبل التوسّع في مناطق أخرى في جميع أنحاء العالم مع خطط لبناء وحدة البيع بالتجزئة الجديدة في لوكسمبورغ. ووفقًا لشركة أوتو إكسبريس، سيكون العملاء قادرين على طلب المواصفات وتخصيص سياراتهم وطلبها عبر موقع أمازون ثمّ تسلّمها لدى تاجر قريب. ومع كلّ نجاح أمازون في سوق البيع بالتجزئة، ستقوم مشاركتها في هذا المجال بتعطيل عمليات التاجر بشكلٍ كبير والتي قد تحفّز شركات صناعة السيارات على تحويل مقاربات البيع بالتجزئة عبر الإنترنت.

إذا استغنت شركات صناعة السيارات في نهاية المطاف على الوسطاء، ستتمتّع بمزايا عديدة مثل:

  1. زيادة الربحية بسبب خفض التكاليف وزيادة هوامش الربح

  2. تعزيز تجربة العملاء من خلال التفاعل الرقمي وعلى مواقع التواصل الاجتماعي

  3. تعزيز الأداء من خلال تحليلات العملاء بفضل البيانات الكبيرة التي تمّ إنتاجها

آلات البيع

يمكن لمشتري السيارة اليوم معرفة ما يريدونه بالضبط قبل الذهاب إلى صالة العرض نظرًا للكميات الهائلة من البيانات والتكوينات ثلاثية الأبعاد على الإنترنت. وتطرح هذه الحقيقة تغييرًا في تجارة السيارات. ومع أنّ بعض شركات صناعة السيارات لا تزال متردّدة والبعض الآخر يقوم بتحويل نماذج البيع ببطء، بدأت الشركة الناشئة كارفانا (والتي تُعّد شركة بيع بالتجزئة على الإنترنت) الاستفادة من هذا الوضع وتقديم السيارات للمستهلكين من خلال آلات بيع السيارات الضخمة.

تتيح هذه الشركة شراء سيارة بنفس السهولة كما الحصول على الصودا من آلة البيع. يبدأ العميل بالاتصال بشبكة الإنترنت والتحقّق من مخزون كارفانا الواسع. ويكون له إمكانية الوصول إلى صورة ثلاثية الأبعاد للسيارة من الداخل والخارج والاطلاع على مواصفاتها وتاريخ الصيانة والخيارات. ثمّ، يمكنه شراء السيارة، والحصول على موافقة على التمويل وحتّى الحصول على قيمة التجارة من سيارته الحالية في دقائق معدودة. ثمّ يتمّ تسليم السيارة وتحميلها في أقرب آلة بيع خاصّة بكارفانا أو تسليمها إلى باب المنزل.

يتمّ إرسال عملة ضخمة فريدة من نوعها إلى العميل للاستلام من آلة البيع، والتي يتمّ وضعها في وعاء عملة ضخم في الموقع. ثمّ، تقوم آلة البيع بجلب السيارة وإنزالها وإيقافها في موقع تسليم حيث لا يتعيّن على العميل سوى قيادتها والتمتّع بغروب الشمس. وتقدّم كارفانا أيضًا للعملاء سياسة الإعادة ضمن مهلة "7 أيام من دون طرح الأسئلة" مع ضمان لمدة 100 يوم.

كما قامت شركة أخرى في سنغافورة اسمها Autobahn، بتطوير آلة بيع السيارات الخاصّة بها ولكنّها لا توفّر سوى المركبات الفاخرة المملوكة مسبقًا بشكلٍ حصريّ. ويمكن للمشترين المحتملين من موقع راحتهم، الاطلاع على مخزون يضمّ بين 70 و80 سيارة فاخرة ثمّ طلب سيارتهم باستخدام الحاسوب اللوحيّ المقدًّم لهم. عند الاختيار، يتمّ تشغيل الفيديو الترويجي لتلك السيارة بينما يتمّ نقلها تلقائيًّا للعملاء.

ولا يقوم وكلاء البيع بخفض التكاليف فقط من خلال إزالة الحاجة إلى قوة المبيعات، بل أيضًا زيادة الأرباح من خلال توفير تكاليف الحصول على مساحات العرض. وفي حين يتطلّب الوكلاء التقليديون خمسة إلى عشرة أضعاف المساحة لحفظ كلّ السيارات، تقوم شركتا كارفانا وAutobahn بحفظ المخزون بأكمله في آلة بيع واحدة ضخمة. ونتوقّع أن نرى المزيد من هذه الآلات تظهر في أيّ وقتٍ من الأوقات مع توسيع أعمال كارفانا.

الخلاصة

مع أنّ الوضع يبدو سيئًا من ناحية أنّ التكنولوجيا ستسلبنا وظائفنا، تنظر الشركات إليها كشيك راتب ضخم. وتنفق شركات صناعة السيارات مبالغ طائلة لمعرفة كيفية حفظها بينما التكنولوجيا هي الإجابة الصحيحة. ولذلك، سرعان ما سنرى نماذج التجزئة المذكورة أعلاه يجري تنفيذها في وقتٍ قريبٍ جدًّا.

ولكن، سيتعيّن على شركات صناعة السيارات والوكلاء بذل جهود متضافرة لتحقيق النجاح، وهو أمرٌ أسهل بكثير من القيام به. وعلاوة على ذلك، لا تزال شريحة كبيرة من السكان المستهلكين يفضّلون التعامل مع نظرائهم من البشر بدلاً من التكنولوجيا. لذلك، يجب على شركات صناعة السيارات التفكير مطولاً ومليًّا قبل تحويل استراتيجياتها للبيع بالتجزئة.