الهايبرلوب: وسيلتنا الخامسة للتنقل

رجوع
Nicholas El Bizri
يوليو 27 2017
معدّات
الهايبرلوب: وسيلتنا الخامسة للتنقل
شارك هذا المقال

نحن نعيش حاليًّا في عصر التقدم التكنولوجي السريع والابتكار المستمرّ. ولكن في العديد من المجالات، مثل قطاع النقل، ظلّ التقدم راكدًا وشهدت وسائل النقل العام تطورا طفيفا على مرّ السنين، غير أنّ إيلون ماسك غيّر هذا الأمر.

ثمّة إمكانية قريبة لوسيلة نقل مستقبلية جديدة مع مفهوم يُسمى الهايبرلوب. قدّم إيلون ماسك هذه الوسيلة كخامس طريقة للتنقل، ساعيًا لإحداث ثورة في النقل الجماعي كبدائل عالية السرعة والكفاءة وآمنة مع الحدّ من الأضرار البيئية في هذه العملية.

ما هو أنبوب الهايبرلوب؟

تصوّر إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة تسلا وسبايس اكس، مفهوم الهايبرلوب لأول مرة في عام 2012 وهو مماثل لنظام السكك الحديدية، ولكن بدلاً من ذلك، ينقل الركاب في كبسولات من خلال أنابيب خالية من الهواء عن طريق الدفع المغناطيسي. ويتميّز تصميمه الفريد من نوعه بقدرته على نقل الركاب بسرعةٍ تصل إلى 700 ميلا في الساعة (1127 كم / ساعة).

وقد أعلنت سبايس اكس بصراحة منذ ذلك الحين عن هذا المفهوم للناس، وشجّعت الآخرين على مواصلة تعزيزه وتطويره. ونتيجة لذلك، ظهرت بعض الشركات وهي تعمل حاليًّا من أجل تطوير هذه التكنولوجيا.

Hyperloop

كيف تعمل؟

الهايبرلوب هي الأولى من نوعها، ومع أنّها تستخدم بعض التقنية المتقدّمة، إلا أنّ طريقة عملها بسيطة جدًّا.

المكون الرئيسي للهيابرلوب هو أنبوب خالٍ من الهواء مدعوم من برج أسلاك ذات ضغط عالٍ يتيح بيئة منخفضة الضغط ويسمح لكبسولات الركاب بالتنقل من خلال أنبوب منخفض الضغط لإبطاء سرعتهم.

يعطي البرج مرونة للأنبوب، وبالتالي يسمح له بتحمّل أي تحول على الأرض مثل الزلزال. علاوة على ذلك، يحتوي كلّ برج على مخمدات جانبية وعمودية قابلة للتعديل لاستيعاب أي حركات صغيرة بينها.

تدعم الأنابيب أيضًا الألواح الشمسية، ما يتيح نظامًا نظيفًا وذاتي الطاقة. وتكون الهايبرلوب مستدامة تمامًا، وتولّد أكثر بكثير من الطاقة اللازمة للعمل ويمكنها أيضًا تخزين ما يكفي من الطاقة في حزم البطارية للعمل في الليل ولفترات طويلة من الطقس الغائم.

أما بالنسبة للكبسولات، يكون ضاغط التوربو الكهربائي مسؤولاً عن ضغط الهواء من الأنف وتوجيهه إلى الجزء الخلفي وجانبي المقطورة. ويخلق إخراج الهواء من خلال الكبسولات الحاملة للهواء وسادة هوائية حول الكبسولة ما يجعلها معلّقة في الهواء داخل الأنبوب.

shutterstock_532978141

ويتمّ دفع الكبسولة من محرك كهربائي خطي خارجي. أولا، يعطي النبض الكهرومغناطيسي للكبسولة توجّهها الأولي. ومع المسرعات المغناطيسية الموجودة على طول الأنبوب، يتمّ دفع الكبسولة إلى تسارع دون صوتيّ.

وللحفاظ على السرعة ومراقبتها، يتمّ تركيب محركات دفع في كلّ 70 ميل، للحفاظ على حركة الكبسولة بسرعة أقلّ بقليل من سرعة الصوت (761 ميل في الساعة / 1،225 كم / ساعة) من أجل تجنّب أي طفرات صوتية.

إليكم فيديو من الرسوم المتحرّكة مع المعلومات يبيّن كيفية عمل هذا المفهوم:

المنافسة والتطوير في مجال الهايبرلوب

اعتبارًا من اليوم، ثمّة اثنين من الشركات المنافسة في تطوير الهايبرلوب. ومع ذلك، ثمّة شركتان بالأخص حقّقتا أكبر قدر من التقدّم: هايبرلوب وان وهايبرلوب لتقنيات النقل (HTT) وكلاهما يقوم حاليًّا بتطوير أنظمة الهايبرلوب الخاصّة بهما واختبار المسارات.

هايبرلوب واحد

تأسّست شركة هايبرلوب وان (H1) في عام 2014 وجمعت منذ ذلك الحين فريق عمل يتخطّى 280 شخصًا ويضمّ المهندسين والفنيين واللحامين والمسؤولين عن الآلات.

وبدعم كبير من المستثمرين، تعمل الشركة الآن من حرم ابتكار مساحته 75 ألف قدم مربع في وسط مدينة لوس انجليس مع آلات على امتداد 100 ألف قدم مربع ومصنع للأدوات في شمال لاس فيغاس. كما أنهت مؤخرا إعداد منشأة Development Loop ومساحتها 500 متر (Devloop) في شمال لاس فيغاس، نيفادا التي هي بمثابة أنبوب اختبار لكبسولاتها.

دخلت الشركة التاريخ في 12 مايو 2017، كونها أول شركة في العالم لاختبار الهايبرلوب على نطاق واسع. وقد نجح الاختبار على نطاق النظام في دمج كلّ مكونات الهايبرلوب الضرورية، والتي تشمل الفراغ والدفع والرفع والزلاجات وأنظمة التحكم والأنبوب وهياكل الأبراج.

Devloop

وقد كشفت الشركة عن صور للجيل الأول من كبسولاتها، وهي أول من قام ببناء النموذج الأولي. ومع أنّه لم يتمّ اختباره بعد، إلا أنّ الشركة تخطط لاستخدام النموذج في موقع Devloop في ولاية نيفادا لاختبار الديناميكا الهوائية للكبسولات بشكلٍ أساسيّ.

تجري الشركة حاليًّا العديد من الدراسات لرسم خطوط ربط الهايبرلوب في جميع أنحاء العالم. وتشمل هذه الدراسات الربط بين هلسنكي واستكهولم وحتّى نظام تنزيل للشحن في ميناء دي بي العالمي الرئيسي في جبل علي في دبي. وثمّة العديد من دراسات الجدوى الأخرى الجارية في روسيا ولوس أنجلوس وهولندا.

PrototypeHO

ومع ذلك، فإنّ إحدى الدراسات الأكثر إثارة هي شراكة H1 مع هيئة الطرق والمواصلات في دبي من أجل نظام ركاب محتمل في دولة الإمارات العربية المتحدة يربط بين أبوظبي ودبي (على بعد 150 كيلومترا). وإذا نجحت هذه الشراكة، فإنّ مثل هذا النظام يقلّل من وقت التنقل إلى أقلّ من 12 دقيقة بالمقارنة مع ساعتين بالسيارة. يمكنكم إلقاء نظرة متعمّقة على نظام الهايبرلوب وان (H1) في الإمارات أدناه:

وكانت الشركة قد أعلنت سابقًا أنّها يمكن أن تمتلك نظامًا تشغيليًّا تمّ بناؤه في الإمارات العربية المتّحدة خلال السنوات الخمسة المقبلة، ولكنّها تخطط أيضًا لتوسيع هذا النظام لربط دول الخليج المجاورة بما في ذلك المملكة العربية السعودية والكويت والبحرين ومسقط.

MEMap

هايبرلوب لتقنيات النقل (HTT)

هايبرلوب لتقنيات النقل (HTT) هي شركة منافسة مهمّة أخرى مع مجموعة من أكثر من 800 شخص من المهندسين والمهنيين الموجودين في جميع أنحاء العالم. وقد شارك في تأسيسها المستثمر في وقتٍ مبكر في شركة اوبر شيرفين بيشيفار ومهندس سبايس اكس السابق بروغان بامبروغان، وتلقّت الشركة الكثير من الدعم من المستثمرين.

وقد حقّقت الشركة تقدّمًا كبيرًا، وتخطط حاليًّا لبناء مسار اختبار بطول 5 أميال (8 كم) على امتداد طريق بالقرب من الطريق السريع 5 بين لوس أنجلوس وسان فرانسيسكو. وبدلاً من اختبار سرعة الكبسولة، يهدف النموذج الأول لاختبار العناصر العملية مثل إعداد المحطة وإجراءات الصعود وتصميم الكبسولة وتعديلها.

وعلى غرار H1، ظهر تأثير HTT أيضًا في منطقة الشرق الأوسط، حيث أعلنت دائرة الشؤون البلدية والنقل في أبوظبي عن اتفاق مع الشركة لإجراء دراسة جدوى لربط أبوظبي والعين وهي إمارة أخرى في الإمارات العربية المتّحدة على بعد 170 كم.

UAElink

وسيؤدي ذلك إلى تقليل وقت التنقل بين أبوظبي والعين إلى أقلّ من 10 دقائق. وتركّز الشركة حاليًّا على بناء نظام في الولايات المتّحدة. ومع ذلك، فقد أعلنت أيضًا عن نيّتها لبناء شبكة من مسارات الهايبرلوب في الخارج. وهي الآن بصدد التخطيط لربط مدن مثل برنو وبراغ وفيينا وبراتيسلافا - التي تظهر في الفيديو أدناه:

لماذا الحاجة لهذا المفهوم؟

لا تزال كلّ وسائل النقل الحالية (الطرقوالمياه والهواء والسكك الحديدية) ضارة بيئيًّا ومكلفة نسبيًّا وبطيئة ببساطة، ما يجعل حلّ النقل الجماعي المستدام مستقبلاً أمرًا بالغ الأهمية.

ويهدف مفهوم الهايبرلوب بشكلٍ عام إلى توفير نظام نقل عالي المستوى أكثر من أنظمة السكك الحديدية المتاحة اليوم. وعلى الرغم من كفاءة الطاقة نسبيًّا والخيار الأكثر ملاءمة للبيئة، لا يزال النقل بالسكك الحديدية بطيئا جدًّا ومكلفًا لاعتماده على نطاق واسع.

توفّر الهايبرلوب نظام نقل فعّال وعالي السرعة من حيث التكلفة وأكثر أمنًا وكفاءة من أيّ وسيلة نقل أخرى. وكونه الأكثر فعالية للمسافات المعتدلة، كان اقتراح ماسك الأولي لربط الهايبرلوب من سان فرانسيسكو إلى لوس انجليس، بمثابة مسافة السفر الأمثل.

Timing

ودعمًا للهايبرلوب، قارن ماسك تكاليف مشروع السكك الحديدية الحالية التي تربط بين سان فرانسيسكو ولوس انجليس وتقنية الهايبرلوب. ومن المحتمل أن تبقى التكلفة الإجمالية المقدّرة لتقنية الهايبرلوبب أقلّ من ستة مليارات دولار، في حين أنّه من المتوقّع أن تكلّف المرحلة الأولى من مشروع السكك الحديدية عالية السرعة الجارية حاليًّا 68 مليار دولار على الأقلّ.

بالإضافة إلى كلّ الميزات المفيدة، توفّر الهايبرلوب مكاسب اقتصادية محتملة. ومع إمكانية السفر الأكثر سرعة والأرخص من حيث التكلفة، ستتمتّع المدن المتّصلة بزيادة ليس فقط في السفر عبر الحدود ولكن في التجارة أيضًا نظرًا إلى أنّ هذه التقنية يمكن أن تحلّ مكان أنظمة نقل الشحن أيضًا.

الخلاصة

لن نكون متأكّدين أبدًا ما إذا سيتمّ اعتماد أنظمة الهايبرلوب التجارية على نطاق واسع، ولكن مع زيادة عدد سكان العالم وانخفاض وضعنا البيئيّ، يكون تحسين نظام النقل الجماعي أمرًا ضروريًّا.

يوفّر اعتماد نظام النقل بتقنية الهايبرلوب وتنفيذه الكثير من الفوائد للنظر فيها والتي تشمل:

• احتمال تحطّم أقلّ

• حصانة من حالات الطقس

• زيادة كبيرة في سرعة السفر

• خفض تكاليف التنفيذ والتشغيل

• تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري

• استدامة تامّة وقوة ذاتية

ثمّة بالطبع بعض العيوب أيضًا وأبرزها الحركة عالية السرعة من خلال أنبوب يمنع المنعطفات الكبيرة أو التغييرات في الارتفاع، ما يؤدي إلى رحلات مباشرة فقط عبر التضاريس المستوية نسبيًّا.

ومع ذلك، فإنّ المسألة الأكثر إثارة للقلق في تحقيق هذا المشروع هي التوقيع عليه. وحتّى مع مفهوم مثير للاهتمام، لا تزال ثمّة مسائل موافقة الجمهور والتشريعات والأنظمة والمتعاقدين للتفكير فيها.