السيارات: تواصل بين الناس

رجوع
Nicholas El Bizri
مارس 14 2017
تكنولوجيا
السيارات: تواصل بين الناس
شارك هذا المقال

يسعى قطاع السيارات باستمرار إلى التقدّم في تكنولوجيا السيارات، نظرًا إلى الابتكار التقني المستمرّ. وفي حين ركّزت تكنولوجيا السيارات بشكلٍ تقليديّ على تعزيز السيارة نفسها، وجّهت صناعة السيارات اهتمامها الآن نحو التكنولوجيا المتّصلة، أي تطوير قدرة السيارة على إقامة التواصل بين السائق والعالم الخارجي، وتعزيز تجربة القيادة تمامًا. قد يكون التقدّم في تكنولوجيا السيارات تعطيليًّا، إذ يستطيع إحداث تغيير كبير في المشهد التنافسي في صناعة السيارات. وقد تتحوّل قيادة الصناعة إلى لاعبين وصناعتين جديدتين مثل البرمجيات والاتصالات السلكية واللاسلكية اللتين لهما وجود قويّ في سوق السيارات من خلال جذب منافسة شرسة.

تطوير السيّارات المتّصلة

إنّ المنافسة المتنوّعة والدخول المستمرّ للاعبين جدد في مجال السيارات المتّصلة تُجبر الشركات المصنّعة للمعدات الأصلية (OEMs) بتسريع جهود الابتكار وليس في مجال التكنولوجيا فحسب، بل أيضًا في ثقافات الشركات والنهج المتّبع في عمليات الدمج والاستحواذ وأساليب الإدارة وتوظيف القوى العاملة. وتحتاج شركات صناعة السيارات اتّباع استراتيجية جريئة من خلال تشكيل شراكات، وإنشاء عمليات دمج وشراء المنافسين للحفاظ على الصدارة وطرد المنافسة التي لا مفرّ منها. وقد أثبتت هذه الاستراتيجية نجاحها، بحيث سمحت للشركات الحصول على الخبرة اللازمة في المعدات والبرمجيات بأسعار معقولة أكثر مقارنة مع التطوير داخل الشركة. وتشمل هذه التقنيات أجهزة الاستشعار، وحلول الاتصالات السلكية واللاسلكية، وأشباه الموصلات، والذكاء الاصطناعي، والتي لا غنى عنها لتطوير حلول إلا أنّها ببساطة لا تملك الخبرة والوصول في مجال السيارات، أو الدراية لتطوير تقنيات السيارات من تلقاء نفسها. ويدرك كلّ من شركات صناعة السيارات والداخلين الجدد هذه الحقيقة التي أدّت إلى تشكيل العديد من عمليات الدمج والشراكات. على سبيل المثال، دخلت رينو-نيسان في شراكة مع مايكروسوفت لتسريع تكنولوجيا السيارات المتّصلة، بينما كانت شركات صناعة السيارات الأخرى الرائدة في السوق مثل تويوتا وجنرال موتورز تستثمر في شركات البرمجيات والشركات التقنية الناشئة لتحسين مكانتها بشكلٍ أفضل عند نهضة خدمات السيارات المتّصلة.

ما هي المستجدّات؟

بالكاد استطاعت شركات صناعة السيارات في السنوات الأخيرة، الدخول إلى مجال التكنولوجيا المتّصلة، مع التركيز على تطوير واجهة التشغيل بين المستخدم والآلة (HMI)، والمكوّنة أساسًا من الأنظمة المتقدّمة لمساعدة السائق (ADAS) وأنظمة المعلومات والترفيه. وتوفّر الأنظمة المتقدّمة لمساعدة السائق (ADAS) للسائقين التكنولوجيا المساعدة الآمنة، بما في ذلك ميزات مثل الكشف عن النقاط العمياء، والمساعدة في تغيير المسار، ونظام تثبيت السرعة النشط، والتحذير من الاصطدام والمساعدة النشطة في ركن السيّارة. توفّر أنظمة المعلومات والترفيه من ناحية أخرى، للسائقين الترفيه في القيادة من خلال الاتّصال بالهواتف الذكيّة والواجهات العاملة باللمس وسهلة الاستخدام. ومع ذلك، يتخطّى مستقبل تكنولوجيا السيارات المتّصلة ما يجري تقديمه في السوق اليوم. ويهدف الاتصال في المركبات لأن يكون أكثر تكاملاً ودمجًا للسائق. ومع توفير هذه التقنية على أنّها الاتّصال من المركبة إلى أيّ شيء (V2X)، ستكون قادرة على نقل المعلومات من مركبةٍ ما لأيّ جهة خارجية قد تؤثر على المركبة والعكس صحيح. والفئات الرئيسيّة الثلاثة التي يجري تطويرها حاليًّا هي: الاتّصال من المركبة إلى البنية التحتية (V2I)، والاتّصال من المركبة إلى المركبة (V2V) والاتّصال من المركبة إلى الأجهزة (V2D).

الاتّصال من المركبة إلى البنية التحتية (V2I)

يستند الاتّصال من المركبة إلى البنية التحتية على تكنولوجيا الاتصالات اللاسلكية، وإقامة تبادل بين المركبات والبنية التحتية للطرق السريعة، وتحويل معدات البنية التحتية إلى "بنية تحتية ذكية" تحتوي على تكنولوجيا الاتصالات مثل أجهزة الاستشعار، وأجهزة الاستقبال والإرسال. ويوفّر الاتّصال من المركبة إلى البنية التحتية مجموعة واسعة من مزايا السلامة والتنقّل والفوائد البيئية للسائقين، منها الخدمة المريحة للغاية وهي قدرة المركبات على التواصل مع أنظمة الإشارات الضوئية. ويتمّ ذلك عندما تدخل السيارة في منطقة أو مدينة تدعم تقنية الاتّصال من المركبة إلى البنية التحتية، حيث يتمّ تسجيل دخولها على سحابة البنية التحتية وإعطائها رمز خدمة فريد. ثمّ، يقوم نظام تحديد المواقع العالمي والتوجيه بتحديد أيّ إشارة ضوئيّة قادمة. ويتمّ توفير معلومات عن هذه الإشارة وإخطار السائق ما إذا كان سيتمكّن من عبور التقاطع أم لا. وفي حال وقوف السيارة في الإشارة الحمراء، يبدأ العد التنازلي (بالثواني) حتّى تظهر الإشارة الخضراء. وقد عرضت أودي مؤخرًا هذه التقنية في لاس فيغاس، وتخطّط لتوفير هذه الميزة الاختيارية في سيّاراتها من طراز 2017 ولكن مع رسم اشتراك شهري. ومن المرجّح للأسف أن يتمّ تقديم مثل هذه الخدمات للاتّصال من المركبة إلى البنية التحتية بشكلٍ بطيء للغاية وذلك في مدينة تلو الأخرى.

الاتّصال من المركبة إلى المركبة (V2V)

تعتمد تكنولوجيا الاتّصال من المركبة إلى المركبة (V2V) على "البنية التحتية الذكية" أعلاه لإنشاء منصّة لتواصل المركبات، وتمكين إرسال البيانات واستقبالها بين السيارات المتوافقة. وتُعدّ المعلومات عن أحوال الطرق وحركة المرور والظروف البيئية الأخرى بعض الأمثلة القليلة. وتعتمد التقنية التي يقوم عليها الاتّصال من المركبة إلى المركبة (V2V) على أجهزة البث الإذاعي وأجهزة الاستقبال الصغيرة في المركبات، والتي تستطيع بثّ المعلومات في البنية التحتية وغيرها من المركبات التي تبعد مسافة عدة مئات من الياردات. ويُعتبر عامل السلامة بالطبع، الدافع الرئيسيّ لهذه التقنية. على سبيل المثال، تقوم أجهزة الاستشعار في المركبات والبنية التحتية بتنبيه المنصّة تلقائيًّا في حالة ثمّة خطر ما والتي، من الناحية النظرية، تقوم بإخطار المركبات القريبة المتّصلة. وثمّة ميزة أخرى وهي أنّه يمكن للمركبات أيضًا تنبيه المنصّة بشدّة حركة المرور من خلال تحليل سرعة السيارة وموقعها، وإخطار غيرها من المركبات والتوصية باستخدام طريق آخر. 

V2V

الاتّصال من المركبة إلى الأجهزة (V2D)

الاتّصال من المركبة إلى الأجهزة (V2D) هو نوع معيّن من نظام اتّصال المركبات التي تمكّن من تبادل المعلومات بين السيارة والجهاز الإلكتروني، الذي يكون في معظم الحالات جهاز ذكيّ (الهواتف الذكية/الساعات الذكية). دخل التطور المتنامي لتكنولوجيا الهاتف النقال في نهاية المطاف في صناعة تكنولوجيا السيارات. وقد حسّن الاتّصال من المركبة إلى الأجهزة (V2D) من تكنولوجيا الأجهزة الذكية من خلال تطبيقات الجوال وقدرات اتصالات قريبة المدى (NFC) لتقديم تجربة قيادة أفضل، ما يسمح للسائق بالمراقبة والتفاعل مع سيارته. وقد بدأت العديد من شركات صناعة السيارات تبنّي هذه التكنولوجيا، وكانت بي أم دبليو وتسلا الأولى في اعتمادها حيث قدّمت بي أم دبليو هذه التكنولوجيا لأول مرة في سيّاراتها من طراز 7 لعام 2016، وتمّ توفير تطبيق المحمول ونظام المفتاح الذكي. ويسمح تطبيق المحمول للسائق باستخدام بعض من وظائف السيارة عن بعد في حين يسمح نظام المفتاح الذكي برصد معلومات السيارة وإحصاءاتها. وعلى غرار بي أم دبليو، توفّر تسلا أيضًا تطبيق محمول مماثل تشمل ميزاته السماح للسائق بتشغيل السيارة وإيقاف تشغيلها عن بعد، وإعداد درجة حرارتها بشكلٍ مسبق واستخدام ميزة "الاستدعاء".

المنافع والمخاوف

إنّ الهدف العام من الابتكار وإدخال تكنولوجيا السيارات المتّصلة هو لصالح كلّ من السائق والمجتمع ككلّ. ومع ذلك، توفّر تكنولوجيا الاتّصال من المركبة إلى أيّ شيء (V2X)، المنافع وكذلك بعض المخاوف الواقعيّة.

تُعتبر وسائل النقل، سواء عامّة أو خاصّة، واحدة من أنشطتنا اليومية، ما يزيد من أهميّة الوضع والمعلومات عن حالة الطرقات. وتعطي المركبات المتّصلة للسائقين إمكانيّة الوصول إلى المعلومات الحيوية مثل الازدحام المروري والاصطدامات على الطرق وأعمال الطرق وغيرها، بحيث يتمكّنون بالتالي من اتّخاذ قرارات مستنيرة بشأن ما إذا كان ينبغي تجنّب الطرق المزدحمة، واستخدام وسائل النقل العامّة، أو حتّى إعادة جدولة رحلتهم. وتخلق هذه المعلومات المتعمّقة المزيد من ممارسات النقل الكافية من حيث استهلاك الوقود والصديقة للبيئة. ويمكن للمركبات المتّصلة حلّ مشاكل النقل وتسهيل التنقّل في حركة المرور في المدن الرئيسيّة في جميع أنحاء العالم. ويمكن أن تستفيد كثيرًا المدن الشرق أوسطية مثل جدة والرياض وأبو ظبي ودبي والتي تعاني من حركة مرور كثيفة، من تكنولوجيا المركبات المتّصلة. وسيمكّن الانتشار المستقبليّ لهذه التكنولوجيا الناس من اتّخاذ القرارات الآنية والحفاظ على استدامة النقل.

وعلى الرغم من هذه المنافع، تعاني المركبات المتّصلة من مسألة رئيسيّة تتطلّب اهتمامًا جديًّا. ونظرًا إلى أنّ التكنولوجيا المتّصلة تعتمد بشكلٍ كبير على الاتّصالات اللاسلكية، يُعتبر حماية البيانات وأمنها أمرًا بالغ الأهمية، لأنّ اعتماد هذه التكنولوجيا على نطاق واسع، سيؤدي إلى تبادل يوميّ لتيرابايت من المعلومات يتمّ جمعها ومعالجتها من المركبات. ونظرًا إلى أنّ معظم هذه البيانات تكون محفوظة في السحابة، تصبح هدفًا محتملاً لهجمات الجرائم الإلكترونية، والتي قد تسبّب ضررًا خطيرًا لأصحاب السيارات المتّصلة. ويمكن أن يقع عدد كبير جدًّا من الحوادث في حال الوصول إلى هذه البيانات بطريقة غير مشروعة. وقد كان أصحاب القبعات البيضاء يشيرون إلى عيوب تكنولوجيا السيارات المتّصلة منذ تقديمها. وثمّة العديد من أشرطة الفيديو التي تظهر السهولة لمثل أولئك المقرصنين على السيطرة على المركبات ودوس الفرامل وإيقاف وظائف معيّنة، وحتّى الكشف عن موقع السيارة وتعقّبها. وتحتاج شركات صناعة السيارات لتلبية معايير صارمة لتشفير البيانات وضمان النقل والحفظ الآمن لمعلومات السيّارة لتجنّب العديد من الهجمات الإلكترونيّة الممكنة والتغلّب على هذه المخاطر. 

CCsecurity