
لعّل قفازات Mobile Music Touch Glove هي أغرب الأدوات الذكية التي برزت في عالم الأدوات التكنولوجية الذكية القابلة للارتداء. تحفّز القفازات، هذا المشروع بقيادة "ثاد ستارنر" وهو بروفسور في معهد جورجيا للتكنولوجيا والقائد التقني لمشروع "بروجكت غلاس" من غوغل، الحواس الحركية بما يبني أو يدمج مهارات جديدة لدى مرتدي القفازات. بإمكانها تعليمك كيفية عزف البيانو من دون لمس أي مفتاح من مفاتيح البيانو. تبدو قدرات القفازات سحرية، أليس كذلك؟
ينص قانون آرثر سي كلارك الثالث على أنه "لا يمكن تمييز أي تكنولوجيا متقدمة جداً عن السحر". قفازات Mobile Music Touch Glove خير تجسيد لهذا التصريح.
القفاز مزود بخمسة محركات اهتزاز، محرك في كل إصبع. كما أنه مزود ببرنامج يتحكم بتسلسل اهتزازها. الآلية كما يلي: إذا ما كررت المحركات تسلسل معزوفة بيانو معينة وكررت العملية لعدد كاف من المرات، تعتاد يدك على تأدية المعزوفة نفسها. بمعنى آخر يبني التحفيز، أي التكرار، الكافي الذاكرة العضلية وتدرك يدك عندها المفاتيح التي يجب النقر عليها وفي الوقت المناسب. تتشارك آريل بليشر رأيها الحيادي بالجهاز وآلية عمله وأدائه على مجلة IEEE Spectrum . أثناء العرض، تعلمت عزف أول 61 نوتة من مقطوعة "أود تو جوي". بإمكانك قراءة المقال هنا. أو مشاهدة الفيديو:
طرح الكثير من الشكوك والتساؤلات حول النظام، وبشكل خاص حول مدى فعاليته وقابلية تنفيذه. فأولاً، وبالنسبة إلى مثال البيانو، عزف مقطوعة لا يقتصر على تسلسل حركة الأصابع. النظام غير قادر على التمييز بين نوتتين متتاليتين مجاورتين أو على بعد مفتاحين أو ثلاثة أو أربعة مفاتيح. وهو غير قادر على تحديد مكان وضع اليد على لوحة المفاتيح أولاً. النظام إذاً جهاز مساعد أكثر مما هو جهاز يضمن إتقان هذه المهارة.
المبتكر مقتنع بإمكانيات الجهاز، وقد شبه ابتكاره بمشهد من فيلم ال"مايتكرس" Matrix أكثر من مرة. (في مقال IEEE المذكور أعلاه وعلى موقع TechCruch أيضاً). إنه المشهد حيث تتعلم ترينيتي كيفية تحليق طائرة هيليكوبتر من خلال تحميل التعليمات على دماغها.
ولكن هو نفسه يرى الأمر مستبعداً. غير أن إمكانيات الجهاز وتطبيقاته تتخطى تعلم اللوازم الرائجة. لقد تم اختبار هذا القفاز لتحسين الإحساس ومهارات الحركة لدى الأشخاص الذين يعانون إصابات مسببة للشلل في الحبل الشوكي. أثناء تعلم العزف على الآلة، شهد عدد من الأشخاص تحسناً في الإحساس على مستوى أصابعهم.
شمل الاختبار أشخاصاً تعرضوا لإصابات منذ أكثر من سنة. يحقق معظم مرضى إعادة التأهيل نسبة تحسين ضئيلة جداً في خلال تلك الفترة الزمنية. بحسب خريجة الدكتوراه وقائدة المشروع "تانيا ماركو": "ولكننا فوجئنا بدرجة التحسن التي حققوها في دراستنا. على سبيل المثال، أصبح بعض المشاركين قادرين على الشعور بملمس ملاءات أسرتهم وملابسهم للمرة الأولى منذ تعرضهم للإصابة بعد استخدام القفازات".
امتد الاختبار على ثمانية أسابيع حيث تدرب المشاركون على عزف البيانو لمدة 30 دقيقة ثلاث مرات في الأسبوع. استخدم نصفهم القفاز للتدرب فيما لم يستخدمه النصف الآخر. أثناء الجلسات، عرض على كل شخص لوحة مفاتيح البيانو حيث تتم إضاءة المفاتيح المقابلة بالاستناد إلى المعزوفة. أرسلت الاهتزازات إلى الإصبع المقابل في الوقت نفسه لدى المشاركين الذين ارتدوا القفازات. كما ارتدوا القفازات في المنزل لمدة ساعتين يومياً، لخمسة أيام في الأسبوع، مع التعرض لنمط الاهتزازات نفسه. وتكمن الفكرة في إثبات التأثيرات التأهيلية الناتجة عن مجرد ارتداء الجهاز.
بعد مرور ثمانية أسابيع، طلب إلى المشاركين تأدية مجموعة من اختبارات الإمساك والإحساس. كان أداء أولئك الذين استخدموا القفاز أفضل بكثير من أولئك الذين تعلّموا العزف على البيانو من دون القفاز.
"تعزو ماركو تنامي القدرات الحركية إلى احتمال تجدد النشاط الدماغي الذي يدخل سباتاً في بعض الأحيان لدى الأشخاص ذوي إصابات الحبل الشوكي. قد يكون الاهتزاز نشاطاً محفزاً في قشرة اليد الحسية، ما يؤدي إلى إطلاق على مستوى القشرة الحركية في الدماغ. ترغب ماركو في توسيع نطاق الدراسة لشمل النتائج الوظيفية للتصوير بالرنين الغناطيسي".