نموّ قطاع الألعاب الإلكترونية في تركيا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا

رجوع
Alexis Baghdadi
أبريل 08 2016
العاب
نموّ قطاع الألعاب الإلكترونية في تركيا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا
شارك هذا المقال

 يعرف هواة الألعاب الإلكترونية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على الأرجح اسمَ "نتماربل" (Netmarble) مطوّر وناشر الألعاب الرائعة مثل "رحلة المليونير" (أو الـ"بارامانيو" في اللغة التركية) ولعبة "الفرسان الـ7".

إنّ "نتماربل" تلك التي يقع مقرّها الأساسي في كوريا الجنوبية هي مثال حقيقي عن كيفية تحوّل شركة ما إلى شركةٍ عالمية بسرعة. وقد حقّقت "نتماربل" ذلك من خلال الأقلمة.

ويقول باريس أوزِستك المدير التنفيذي لـ"نتماربل" في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا إنّ أي شركة ألعاب للهواتف المحمولة تريد أن تصبح الشركةَ الأولى في مجالها على صعيد العالم يجب عليها أن تكون الشركة الأولى في كلّ منطقة منه.

إنّ "نتماربل" تحتلّ اليوم المركز الثامن في العالم ولها مكاتب في الولايات المتحدة، والصين، وإندونيسيا، وتايلاند، وتركيا. وفي عام 2014 أمّنت "نتماربل" مبلغ 533 مليون دولار من "تن سنت" (TenCent) أكبر مصدر للاستثمارات في تكنولوجيا المعلومات، وفي 2015 حقّقت إيرادات تفوق المليار دولار.

وفي "مؤتمر الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للألعاب MEGA 2016 في بيروت أحْسَنَ فريق "نتماربل" في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا الشرح عن كيفية أدائه لدوره في رفع الشركة إلى المرتبة الأولى عالميًّا.

تركيا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا محطّات أساسية في الطريق نحو العالمية

صحيح أنّ اللغة في تركيا تختلف عن اللغة في المشرق العربي، لكن بين تركيا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا أوجه شبه ثقافية تكفي لتكون استراتيجيات التسويق المناسبة لهذه المناطق هي نفسها.

وبالإضافة إلى ذلك فإنّ أمورًا أساسية تجعل من الأسواق في تركيا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لا سيّما أسواق دول "مجلس التعاون الخليجي"، جذّابةً لناشري الألعاب الإلكترونية. ويقول أوزِستك: "من أجل ضمان نجاح لعبةٍ ما، نتطلّع إلى الأسواق التي دخل إليها إنترنت النطاق الواسع والهواتف الذكية بقوّة". والسعودية هي أكثر أسواق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا جاذبيةً إذ تصل فيها نسبة الهواتف الذكية إلى 100% تقريبًا، ويلي السعودية الإمارات والكويت والبحرين.

وفي المقابل تبلغ نسبة الهواتف الذكية في تركيا نحو 50% فحسب، لكن كان لـ"نتماربل" بداية قوية في السوق التركي عام 2013 عندما استحوذت على "جوي غايم" (JOYGAME) التي كانت شركةً رائدة في مجال تطوير ألعاب الحاسوب ونشرها في تركيا والتي كان لها مكانة قوية في الشرق الأوسط.

أمّا بشأن المستقبل فإنّ "نتماربل" تتطلّع إلى التوسّع نحو أفريقيا وأميركا الجنوبية قبل أن تدرس التعامل مع أوروبا.

 استراتيجيات من أجل تأقلم ناجح

تواجه عمليّةَ الأقلمة دائمًا تحدّياتٌ تبدأ من اللغة والثقافة، وقد تحدّث عن هذا الأمر أراس سنيوز مديرُ قسم الإعلام والهواتف النقّالة في "نتماربل" أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، وذلك في ورشة عمل في "مؤتمر الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للألعاب 2016".

إنّ في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا صعوبة إضافية عندما يتعلّق الأمر باللغة، فاللغة العربية تُكتَب من اليمين إلى اليسار ممّا يفرض إعادة تصميم أي لعبة بالكامل، كما أنّ دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تتحدّث لهجات مختلفة من اللغة العربية، بحسب سنيوز. ويُضاف إلى ما سبق اعتباراتٌ أخرى تشمل المواضيع المثيرة للحساسية فيما يتعلّق بالرموز الدينية ومحتويات بصرية أخرى (مثل العري التامّ أو الجزئي، والخنزير، والكحول).

وقد أنشأت "نتماربل" 30 فريقاً لإجراء المناقشة واختبار تجربة المستخدم، وذلك من أجل جعل لعبة "بارامانيو" متأقلمة مع الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فوجَدَتْ أنّ المستخدمين في هذه المنطقة يملّون من الألعاب التي تحتوي على عدد ضخم من أزرار القوائم، لذا قامت "نتماربل" بخفض هذا العدد إلى أقلّ من 15، كما حسّنَتْ مزايا التواصل الاجتماعي والمشاركة لتتناسب مع ما يفضّله السوق.

وبالإضافة إلى ذلك، أدخلت "نتماربل" على اللعبة توجيهات تعليمية وأضافت إليها معالم وخرائط وشخصيات أكثر ارتباطًا بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وذلك من أجل سدّ الفجوة الثقافية. وقد تمّ أخيرًا إطلاق اللعبة بنجاح تحت عنوان "رحلة المليونير".

أول حاضنة للألعاب في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

إنّ الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بحسب أوزِستك سوقٌ ذو فرصٍ ضخمة لم تُستَغلّ بعد، وهو يقول إنّ هذا السوق أكبر من السوق الأوروبي أو سوق أميركا الجنوبية، وكلّ ما يحتاجُهُ هو دفعة إلى الأمام.

و"غايم كاراج" (GameGarage) هي وسيلة "نتماربل" التي تقدّم بها دفعةً إلى الأمام للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فـ"غايم كاراج" هذه التي تتّخذ من إسطنبول مقرًّا لها هي الحاضنة الجديدة الوحيدة للشركات الناشئة المختصّة بتطوير الألعاب الإلكترونية في المنطقة وهي تعمل بالشراكة مع منصّة ريادة الأعمال "ستارترز هاب" (StartersHub).

إنّ "غايم كاراج" تستضيف استديوهات واعدة من الشرق الأوسط وتركيا لتطوير الألعاب وتقدّم لها حصص إرشاد، وفرصًا لبناء العلاقات، وتدريبات، وصفقات لنشر الألعاب، كما تقدّم لها تمويلًا أوّليًّا بقيمة 20 ألف دولار.

والمجموعة الأولى من الشركات الناشئة المختصّة بتطوير الألعاب ستتخرّج في أيّار/مايو 2016، كما ستبدأ "غايم كاراج" بقبول الطلبات للدورة الثانية من التسريع في حزيران/يونيو 2016.

ويقول أوزِستك إنّ لدى مطوّري الألعاب في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الكثير من الإبداع ليقدّموه، لكنّ البيئة المحيطة بهم في المنطقة ما زالت ناشئةً. لذا تسعى "غايم كاراج" إلى سدّ هذه الفجوة ومساعدة هؤلاء المطوّرين على النموّ، ويُؤمَل أن يشجّع هذا الأمر الحكوماتِ على إطلاق مبادرات تدعم مطوّري الألعاب.

ويضيف أوزِستك قائلًا: "عندما ينشأ قطاع الألعاب الإلكترونية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، سنكون في أفضل موقع لحصد منافع استثماراتنا. وخرّيجو برنامجنا سيكونون هم من يؤلّفون المحتويات لمنصّة النشر الخاصّة بنا، وربّما سيكونون أيضًا موظّفين عندنا في المستقبل".

تسويق الألعاب في عصر الهواتف النقّالة

كانت "جوي غايم" تنشر بنجاح ألعابًا للحاسوب في تركيا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا قبل أن يتمّ الاستحواذ عليها. ومستخدمو "جوي غايم" كانوا لاعبين مدمنين على الألعاب أو متوسّطي الإدمان عليها. اكتشفوا الألعاب من خلال منصّة "جوي غايم" وادفعوا المال مقابل الحصول على الألعاب.

لكن مع وصول الهواتف النقّالة تغيّر كلّ شيء، بحسب أوزستك الذي يقول: "نستهدف اليوم كل المستخدمين، فأيّ شخص يحمل هاتفًا ذكيًّا هو لاعبٌ محتمل. وهذا يعني بذل المزيد من الجهد للتسويق".

لكنّ هذا الأمر في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا غير واضح، ويذكر أوزستك في هذا المجال النقص في شبكات الدعاية الرقمية، والتكلفة المرتفعة للإعلانات على التلفزيونات، والتأثير الضعيف للإعلانات على الطرقات.

أمّا في تركيا فالمشهد أفضل لكنّه ما زال يحتاج إلى الإبداع. فالألعاب، باعتبارها منتجات ترفيهية، يجب أن تُسوَّق كالأفلام والحفلات الموسيقية أي من خلال الفيديوهات القصيرة والفعاليات العامّة وغير ذلك، أي كلّ ما يؤدّي إلى سرعة الانتشار ومن دون أن يكون ذلك بالضرورة بميزانية ضخمة.

فعلى سبيل المثال، عندما أرادت "نتماربل" إطلاق "بارامانيو" قامت بتأليف خبرٍ وهمي حول رجل غامض يرمي مالًا مزيّفًا (عليه علامة تجارية) في إسطنبول، وقد كان مذيعون وهميّون ينقلون هذا الخبر. وعندما كُشِفَت الحقيقة تمّ عرض الحملة في برنامج حواري رائج.

وبلا شكّ لا بدّ من عرض عناصر الحملة الترويجية على المحطّات والمنصّات المختلفة لزيادة نطاقها وتأثيرها. وبعد إطلاق اللعبة تمّ دمجها في نصّ مسلسل تركي.

وأخيرًا المال! لقد باتت "بارامانيو" بسرعةٍ اللعبة الأولى في تحقيق الإيرادات في تركيا (ولاحقًا في السعودية). واليوم يتجاوز عدد مرّات تنزيل تلك اللعبة الـ100 مليون مرّة مع وجود 250 ألف مستخدم ناشط يوميًّا و600 ألف مستخدم ناشط شهريًّا.