تمكين مدن المعرفة بالذكاء الاصطناعي

رجوع
Daniel Merege
يونيو 07 2017
تكنولوجيا
تمكين مدن المعرفة بالذكاء الاصطناعي
شارك هذا المقال

هل سبق لك أن تخيلت نفسك تعيش في مدينةٍ حيث يبدو أنّ كلّ شيء سحري وحيث الخدمات العامة ذات جودة عالية وحيث يمكنك معرفة أفضل وقتٍ للذهاب إلى مكتبك أو المدرسة وتجنّب حركة المرور وحيث المدينة نفسها تتحدّث معك وتدعمك في أنشطتك اليومية؟ حسنًا، إنّ هذه المدينة هي بالفعل قيد التطوير، وذلك بفضل ثورة تقنيات الذكاء الاصطناعي التي تجعل المدينة تدرك وضعها في الوقت الحقيقي وتعمل على تغيير ما يكون خاطئًا، من دون أن يتّخذ الشخص القرار للقيام بذلك. أهلاً بكم في عالم مدن المعرفة.

وفقًا للأمم المتّحدة، سيكون العالم في الغالب حضريًّا بحلول عام 2050، حيث سيعيش أكثر من 60٪ من الناس في المدن وذلك لأنّه أساسًا تُتاح هناك فرص العمل الجيّد والتعليم والصحّة والتفاعلات الاجتماعية. عندما يتشارك الناس مساحة مع الموارد والخدمات الفعّالة لتمكين أنشطتهم اليومية، بغض النظر عن هذه الأنشطة، يمكنهم أن يعيشوا بشكلٍ أفضل ويتوقّعوا مستقبلاً أفضل لأنفسهم وأحبائهم. وبالتالي، ذلك يجلب مستوى أعلى من الرفاه للجميع.

ولكن، علينا أن نأخذ بعين الاعتبار أنّه لا يزال ثمّة الملايين من الناس الذين يعيشون في المناطق الريفيّة، وأنّ الخدمات التي تُقدَّم حاليًّا للأشخاص في المدن لا يمكن أن تكون فعّالة عندما يزداد عدد الأشخاص الذين يستخدمونها، ما لم يتمّ تطوير هذه الخدمات لتلبية احتياجاتهم بشكلٍ أفضل. في هذه المرحلة، يتمّ إدخال التقنيات في السياق الحضري.

shutterstock_618887135

جاءت فكرة بناء المدن الذكية مع تطبيق التقنيات الجديدة التي تطوّر الخدمات العامّة وإدارة المدن الحكومية، على الرغم من أنّ المفهوم لا يقتصر على الجوانب التقنية. ومن خلال تطبيق التكنولوجيا والرقمنة، يمكن للخدمات في المدينة أن تصبح أكثر ذكاء وكفاءة وتضيف المزيد لنوعية حياة المواطنين عند دمج هذه التقنيات وتشغيلها.

ويمكننا أن نرى حاليًّا بعض المبادرات الجيّدة في المدن في جميع أنحاء العالم، مثل حاويات القمامة الذكية، في سانتاندر (إسبانيا)، والتي تستخدم أجهزة الاستشعار لتحديد متى تحتاج شاحنة جمع القمامة لتفريغ الحاوية، وتوفّر المال عندما تصبح الخدمات اللوجستية للجمع أكثر كفاءة.

وثمّة مثالٌ جيّد آخر في سانتاندر وهو جهاز استشعار يكشف صوت صفارات الإنذار لسيارات الإسعاف في المنطقة ويحدّد إشارات المرور التي يجب أن تتحوّل إلى اللون الأخضر لتسريع وصول السيارة إلى المستشفى. ومع ذلك، لا تزال هذه الخدمات بحاجة إلى أن تكون "قابلة للبرمجة" للقيام بذلك، ويتعيّن على الخبراء القيام بأيّ تغيير في هذه الديناميات التي تعيد برمجة البرامج لتطوير الأنظمة.

shutterstock_267597902 (2)

هنا، يقوم الذكاء الاصطناعي بتغيير كلّ شيء. وتقوم التقنيات، مثل التعلّم الآلي، بتمكين الآلات لفهم المدن بنفسها واتّخاذ القرارات على أساس ما تعلّمته من التجارب السابقة. والسحر وراء ذلك هو البيانات. ففي كلّ ثانية، يتمّ جمع مجموعة متنوعة لا تُحصى من البيانات من العالم الحقيقي لدعم قرارات المسؤولين عن المدن.

ومع ذلك، لا يُعتبر فهم هذه البيانات واستخراج المعلومات المؤهلة منه كوظيفة سهلة، ويحتاج الناس المسؤولين عن اتّخاذ هذه القرارات إلى وقتٍ لمعالجة المعلومات وتقرير ما يجب القيام به في كلّ حالة. ولكن مع تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي، يمكن للحواسيب جمع البيانات ومعالجتها أسرع بكثير مما يمكن للإنسان القيام به، ويمكنها أيضًا أن تتعلّم منها وتتّخذ القرارات لتغيير بعض الحالات.

دعونا نعيد النظر في مثال صفارات الإنذار لسيارات الإسعاف وتطبيق الذكاء الاصطناعي على ذلك. مع كلّ البيانات التي يتمّ جمعها كلّ يوم من أجهزة استشعار الصوت، يمكن للآلة المسؤولة عن هذا النظام فهم المعايير الآن وفهم أنّه ثمّة أوقات مختلفة في اليوم حيث تأتي سيارات الإسعاف من شارع واحد مثلاً.

shutterstock_437098099

يمكن للآلة نفسها من هذه المعلومات، تحديد نظام إشارات المرور للعمل بشكلٍ مختلف في ذلك الشارع، وزيادة الفترة الزمنية للأضواء الخضراء، على سبيل المثال، من أجل تفضيل سيارات الإسعاف التي من المرجّح أن تأتي من هذا الطريق، وتحتاج إلى الإسراع في طريقها إلى المستشفى. وإذا تغيّرت هذه الحالة مع مرور الوقت، فإنّ الآلة تتعلّم منها، ويمكنها أن تتكيّف مع سياق جديد، من دون عمل الخبراء.

وعلاوة على ذلك، أصبحت تقنيات الذكاء الاصطناعي أكثر سهولة بالنسبة للشركات ورجال الأعمال، والتي يمكنها أن تطور خدمات ومنتجات جديدة وتخلق فرص عمل جديدة لاستكشافها من قبلهم. أيضًا، كلما زاد استخدام الذكاء الاصطناعي في المدن، تكون النماذج والمعلومات التي تنتجها أكثر دقة، وتصبح المدينة أكثر ذكاء ومعرفة.

بالتالي، نحن لسنا بحاجة فقط لتخيّل أنفسنا نعيش في مدينة المعرفة، بل يمكننا بناؤها. يمكن لقوة الجمع بين الذكاء الاصطناعي وريادة الأعمال الرقمية في المدن أن تنتج شيئا مذهلاً لمستقبل المدن في العالم، في أي مكان وللجميع. دعونا إذًا نبدأ بشيءٍ جديدٍ في المدن!