مزارع ممكننة من أجل زيادة الانتاج الزراعي

رجوع
Rita Khawand
ديسمبر 10 2015
ريادة الأعمال
مزارع ممكننة من أجل زيادة الانتاج الزراعي
شارك هذا المقال

صورة نظام زراعة مائية أفقية مأخوذة من Shutterstock 

عندما تجتمع كلمتا "الزراعة" و"التكنولوجيا" في الجملة ذاتها يتخيل الناس عادة صور ماكنات الحراثة أو الحصاد الكبيرة، أو الطائرات التي ترش المبيدات من الجو...

ولكن لايف لاب LifeLab أمر آخر. الشركة الحائزة مؤخرا على الجائزة الأولى ضمن مسابقة هيونداي للشركات الناشئة التي نظمت بالتعاون مع عرب نت، تسعى لزيادة الانتاج الزراعي من خلال الزراعة المائية، وهي طريقة زراعية كلفتها المادية متدنية وأثرها السلبي على البيئة خفيف.

نظام زراعي مستدام 

من ناحية الشكل، "مَزارع" لايف لاب هي عبارة عن خيم زراعية مع نظام زراعة مائية أفقي، مصمم بمعظمه من مواد محلية. حاليا يمكن لهذه  المَزارع أن تنتج حوالي 30 نوعًا من النباتات الورقية والأعشاب (نعناع، خس، الخ.)، والبندورة الكرزية، والفراولة، الخ. يمكن زرع هذه النباتات طوال السنة وفي كل المواسم بغض النظر عن عوامل الطقس، وباستخدام محلول غذائي مستخرج من مواد طبيعية (كأعشاب البحر).

يمكن للمَزارع أن تنتج أنواع أخرى من الخضار والفاكهة، ولكن - كما يوضح مؤسس الشركة علي مخزوم - الشجر غير مستحب إذ أنه يأخذ مساحة كبيرة أفقيا.

يقول مخزوم إن المنصات التي تم تصميمها هي محوسبة وممكننة مع واجهة مستخدم سهلة الاستعمال. كل مزرعة موصولة على خادم لايف لاب المركزي. وهناك شبكة من أجهزة الاستشعار التي تقيس عدة متغيرات وترسلها بشكل متواصل إلى خادم الشركة من خلال السحابة الالكترونية، مما يخوّل فريق العمل مراقبة المَزارع مباشرة والتدخل لإيجاد حلول على الانترنت أو في موقع المزرعة اذا لزم الأمر.

تستخدم المَزارع لغاية 95% مياه أقل من الزراعات التقليدية (التي تعتمد على التربة)، كما وتنتج 10 مرات أكثر. لا حاجة لاستخدام المبيدات بما أن المَزارع هذه تعمل في بيئة محمية مسيطر عليها تمامًا، وبالتالي تنتج طعامًا صحيّا يمكن أن يباع بسعر مرتفع.

"جزء من منهجية التصميم لدينا يركّز على جعل منصاتنا قابلة للتحديث، وبالتالي حين تتطور تكنولجيتنا نستطيع تحديث مزارع شركائنا تلقائيا"، يقول مخزوم.

انتاج أعلى ومردود أعلى

إحدى المشاكل التي يواجهها المزارعون الصغار هي أن الزراعة بهدف التجارة تتطلب الكثير من العمل والوقت. المنافسة من قبل الانتاج المستورد ذات الأسعار المتدنية تدفع المزارعين للسعي إلى إيجاد طرق لزيادة كمية الانتاج، أو الاستسلام كي لا يقعوا في المزيد من الديون.

رّدا على هذه المعضلة انطلقت فكرة تأسيس لايف لاب كمشروع بحثي. يقول مخزوم، "كنت قد سئمت من رؤية بلد يحوي الكثير من الأراضي الخصبة وأكثر من 15 نهرًا، ولكن قطاعه الزراعي غير متطور وغير منتج".

ولذلك قرر مخزوم أن يحاول إيجاد طريقة لتغيير نمط عمل هذا القطاع. وبدا من المنطقي أن مكننة أجزاء كبيرة من العملية سيؤدي إلى تخفيف الكلفة وزيادة الانتاج: "الزراعة التجارية 2.0 " كما يصفها مخزوم.

عام 2013 حصلت الشركة الناشئة على منحة الابتكار من المركز الأوروبي اللبناني للتحديث الصناعي Euro-Lebanese Center for Industrial Modernization (ELCIM). وفي العام ذاته، حصلت الشركة على استثمار ملاك من المستثمر وليد حنا (العضو المنتدب في "ميدل إيست فينتشر بارتنرز" (MEVP ممّا سمح لمخزوم أن يكرّس نفسه كليا للمشروع.

بمساعدة فريق عمل مؤلف من أصدقاء ومهندسين ومستشارين، عمل مخزوم على تطوير فكرته وخلق النماذج الأولية، إلى أن حصل على نموذج مُرضٍ  أنشأه في مزرعة عائلته في قريته الأم جنوب لبنان.

ما قد بدأ كمشروع ذاتي التمويل منذ خمس سنوات أصبح الآن شركة بحث وتطوير توظف 12 شخصًا في أي مشروع جديد (من مهندسين وأخصائيين في الزراعة المائية ومصممي منتجات). تتخصص الشركة في تصميم وتشغيل أنظمة زراعة مائية ممكننة بشكل كامل من أجل دعم المزارعين في لبنان ومساعدتهم على تحسين أمنهم الغذائي.

بالرغم من أن هذه الأنظمة تحتاج إلى طاقة كهربائية بشكل متواصل من أجل تشغيل الإضاءة الاصطناعية والمنصة، فبحسب قول مخزوم إن هذه الأنظمة تستهلك 60% طاقة أقل من مثيلاتها بالحجم ذاته، بفضل استخدامها لقطع قليلة الاستهلاك والتي بإمكانها العمل على البطاريات، والبطاريات بالتالي يمكن تعبئتها من خلال الطاقة المتجددة (الريح/الشمس).

الكلفة التأسيسية المرتفعة (1000$ للمتر المربع لأول 100 متر مربع) تجعل من أنظمة كهذه تبدو غير متاحة للمزارعين الصغار، ولكن بحسب قول مخزوم، فإن العائد المرتفع على الاستشمار بإمكانه تعويض الكلفة التأسيسية العالية وأنه يمكن البدء بجني الأرباح بعد سنة بقليل من تشغيل المشروع.

تتعاون لايف لاب مع المزارعين بشكل وثيق، إذ تدرّبهم على كيفية استخدام المنصة وتؤمن الصيانة على مدى 24 ساعة متتالية من أجل درء المشاكل. حتى أن الشركة تقوم ببيع منتجات المزارعين، موفّرة عليهم عناء التسويق.

"المزارعون، كما المستهلكون، يشاركون في السيطرة على عملية التجارة. فالمستهلكون يقولون لنا أية أصناف (وما هي الكمية) التي يحتاجونها خلال البضعة أشهر القادمة، ونحن نقوم بتقسيم المجموع على مزارعينا الذين ينتجون محاصيل مطلوبة مسبقًا ويسلموننا إياها عند النضوج كي نوزعها على زبائننا"، يشرح مخزوم.

ربط المَزارع عبر منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

بالإضافة إلى مسابقة هيونداي للشركات الناشئة فقد فازت لايف لاب بالعديد من الجوائز خلال السنتين الماضيتين، منها المركز الأول في مسابقة BADER-World Bank Startup Challenge، ومنحة من برنامج كفالاتiSME .

منافسو لايف لاب المباشرون هم شركات عالمية ما زال لها حضور خجول في المنطقة. والأنظمة التي تقدمها هذه الشركات هي عادة باهظة الثمن وصيانتها غير مؤمنة بسهولة. في منطقة الشرق الأوسط وشمالي أفريقيا، ليس هناك من شركة أخرى معنية بتصميم وبناء أنظمة زراعة مائية تجارية.

بالنسبة إلى مخزوم، يمكن للنظام أن يقام في أي مكان، خصوصًا في المدن حيث لا يتوفر الكثير من الأراضي الصالحة للزراعة، وفي دول المنطقة الجافة. "نريد أن نبني نواةً متينة من المزارع الصغيرة والمتوسط الحجم الاسثنائية في كل أرجاء البلد، من ثم الانتقال لبناء مدن ذات المناخ المحكم المكرّسة للزراعة في البلدان الجافة المحيطة بنا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا."

يختم مخزوم بالقول: "التحدي الأكبر لنا في هذه المرحلة يكمن في درجة الوعي. الكثير من الناس لا يعلمون ما هي الزراعة المائية، وبعض الذين يعلمون لديهم معتقدات خاطئة. نواجه هذه المشكلة أيضا عندما نريد توظيف مهندسين زراعيين، إذ إن القليل من خريجي الجامعات المحلية لديه المعرفة الكافية بالزراعات المائية، والقليل القليل لديه خبرة عملية في إدارة الأنظمة المائية".