
في ظل المساعي الهادفة إلى تحقيق النجاح الكبير المقبل على مستوى قطاع الانترنت في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بإمكان مجتمعنا الناشئ استخلاص دروس أساسية من النجاحات (والفشل) التي واجهها المؤسسون والمستثمرون في الأسواق المتقدمة والأسواق الأخرى الناشئة الأكثر تطوراً كأميركا اللاتينية وأوروبا الوسطى وأوروبا الشرقية.
إليكم العوامل ال5 الأهم التي تحدّد نجاح أو فشل الشركات على الانترنت في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وفيما أن بعض هذه العوامل قابلة للتطبيق على جميع الشركات (سمات المؤسسين، قابلية توسع نموذج الأعمال، التحديات التي يجب معالجتها)، العوامل الأخرى قابلة للتطبيق على الأسواق الناشئة فقط.
-
مؤسسون شباب من حيث العمر...أو الروح
من المعروف أن مؤسسي الشركات على الانترنت شباب تخرجوا لتوهم من الجامعة. ولكن أظهرت الدراسات أن معدل عمر المؤسس الناجح هو حوالي 40 سنة. غير أنه في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يصعب العثور على المؤسسين الذين ينتمون إلى هذه الفئة العمرية حيث أنه يجدر به دعم عائلاتهم وتسديد القروض المتوجبة عليهم. ما يجعل دخولهم معترك تأمين تمويل من المستثمرين الذي يقتضي فترات طويلة وإنشاء شركة وتنظيمها وهي عملية تقتضي فترات أطول حتّى عملية صعبة.
-
أفضل نماذج الأعمال على الانترنت هي تلك التي تتمتّع بسمة قابلية التوسّع
إن غوغل خير من يجسّد هذا الواقع: فقد بنى المبتكرون محرك بحث مرة وجعلوه قابلاً للاستخدام لمرات غير معدودة. ما سمح لهم بتوليد عائدات تخطت قيمتها تكاليف إدارة الشركة التي لا تكفّ نمو. وتعمل شركات الإعلانات المبوبة على الانترنت بالاستناد إلى النموذج نفسه، ما يسمح لمستخدمي هذه المنصات بالتوسّع لشمل مئات آلاف القوائم وكسب العائدات المقابلة.
ومن خلال المقارنة مع نموذج عمل كموقع تجارة إلكترونية لتلبية الطلبات لبيع الإلكترونيات أو لوازم الموضة، يقتضي بيع المزيد من الوحدات على الانترنت إضافة المزيد من الموارد خارج نطاق الانترنت. ما يؤدي عادة إلى هوامش متدنية جداً لا تبرر حجم الاستثمار.
-
عوائق الدخول إلى السوق سلاح ذو حدين
إن اختيار نماذج أعمال محلية أو عالمية مسألة صعبة غالباً ما يغفلها المستثمرون والمؤسسون على الرغم من أهميتها الكبيرة. وغالباً ما تكون الشركات الموجودة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والتي لا تتسم بحواجز دخول قوية غير قادرة على الاستمرار أو التنافس في وجه الشركات العالمية (الأفضل من حيث التمويل) والتي توسّع نطاق أعمالها في المنطقة. على سبيل المثال، لا تملك مواقع السفر العامة أي عوائق دخول ولكنها عاجزة في وجه المواقع العالمية المماثلة. حتّى مواقع التجارة الإلكترونية لتلبية الطلبات التي تبيع أغراض الموضة أو الإلكترونيات لتلبية الطلبات غير قادرة على الصمود في وجه المنافسة العالمية؛ وكل ما تتطلبه الشركات العالمية للتعويض عن قدرة الشركات المحلية التنافسية هو افتتاح مركز لوجستيات وتلبية الطلبات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
ومن جهة أخرى، تقتضي نماذج الأعمال كخدمات المطاعم أو حجز سيارات الأجرة على الانترنت بناء شبكة محلية، ما يؤدي إلى إنشاء عائق قوي في وجه الدخول. وفي هذا السياق، تجد الجهات الفاعلة العالمية نفسها عاجزة إلا في حال استثمار مبلغ ضخم لتنافس الشركات المحلية وتحتل مكانها من خلال السيطرة على شبكاتها. وغالباً ما يكون استحواذ الشركات العالمية على الشركات المحلية أكثر فعالية من حيث الكلفة حيث تتم المحافظة على القيمة التي يحققها مؤسسو نماذج الأعمال هذه والمستثمرون فيها.
-
الموقع، الموقع، الموقع
قد يكون إنشاء مقر عمليات في سوق يسهل ممارسة الأعمال فيها وجذب المواهب ونقطة جذب للمستثمرين نقطة تحول. وفي هذا السياق، تعتبر الإمارات العربية المتحدة الموقع الأفضل للشركات على الانترنت ولكن من ثم يتضح أن المملكة العربية السعودية ومصر وحتى المغرب هي الأسواق الأكبر. تشكّل كلفة التوسّع والوقت الذي يقتضيه هذا التوسّع عبئاً كبيراً لا تستطيع الشركات معالجته دائماً.
-
التمويل
إن القادرة على تأمين تمويل مستمر في وقت قصير شرط أساسي لنجاح المؤسسين فهو يسمح لهم بالتركيز على إدارة الأعمال. إن مستوى الاحتكاك العالي بين المستثمرين والمؤسسين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ناتج ببساطة عن نضوج السوق. ويفوق عدد الشركات الجيدة غير القادرة على الصمود نتيجة للافتقار إلى التمويل عدد الشركات التي تفشل نتيجة لخيارات ذات صلة بؤسسيها ونماذج أعمالها أو السوق.
ومن جهة الاستثمار، قد يبدو نموذج أعمال رؤوس الأموال المجازفة مشوق وهو كذلك ولكن ليس في مرحلة تطور سوق منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الحالية. وكان نموذج أعمال المنصة التشغيلية، وليس رؤوس الأموال المجازفة، أول نموذج يسمح للمستثمرين والمؤسسين بتحقيق النجاح في الأسواق الناشئة على الانترنت. وهذا ما يحاول فريقنا بناءه في iMENA. نحن نسعى إلى معالجة جميع جوانب القصور والتحديات على مستوى بناء شركات ناجحة على الانترنت في المنطقة من خلال تزويد المؤسسين الناضجين ببيئة عالية الثقة تسمح لهم ببناء شركاتهم بسرعة وتوسيع نطاق وتلقي تمويل عند الطلب فيما تنمو هذه الشركات.
سنشهد نجاح نموذج رؤوس الأموال المجازفة أيضاً بلا شك ولكن قد يقتضي هذا النمو 5 إلى 7 سنوات، سيتم خلالها الفوز بالكثير من نماذج الأعمال الأساسية. الوقت هو العامل الأساسي الأول والأخير في قطاع الانترنت.
خلدون طبازا هو المؤسس وعضو مجلس الإدارة المنتدب في مجموعة iMENA Group، وهي شركة تشغيل لشركات الانترنت في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.