
منذ خمس سنوات، كان من السهل التفريق بين عمل ذات جودة عالية لوكالات إبداعيّة مقارنة مع عمل متوسّط الجودة كانت تقوم به بعض الماركات في الشركة. اليوم، هناك الكثير من الأعمال التي يقوم بها الزبائن بدون علم الوكالات أحياناً. فقد ولّت الأيّام حين كانت الوكالات هي التي تضع الإستراتيجية وتنفّذ العمل. يتمّ استبدال وظائف هذه الوكالت بوكالات أصغر وأكثر تخصّصاً والتي توافق على تسميتها الطرف الثالث. وتتسارع ماركات اليوم إلى هذه الوكالات كونها أقل كلفة، أكثر تخصّصاً ومرونةً.
ولطالما تواجدت هذه الأطراف الثالثة لملء الثّغرات عندما تكون الوكالات بحاجة إلى المساعدة. قبل العصر الرقمي، كانت وما زالت شركات الطرف الثالث لإنتاج الفيديو هي التي تعتمد عليها الوكالات للقيام بالإعلانات التلفزيونيّة وإنتاج المحتوى. في التسعينات، كانت الأطراف الثالثة تدير التسويق للمتسوّقين والبيع بالتجزئة على أرض الواقع. وفي الألفينيّات، أثارت الطفرة الرقمية إنشاء الأطراف الثالثة التي توفّر منصّة إدراة علاقات العملاء (سي آر إم)، الإستضافة وتطوير الويب المتقدّم التي لا يمكن للوكالة تطويرها داخل الشركة. واليوم، هناك عمليّاً وكالة وهي طرف ثالث تعنى بكلّ الأمور من تطوير تطبيقات الموبايل إلى إدارة المجتمع.
لطالما كانت وكالات الطرف الثالث مبنيّة لإنتاج ما لا يمكن للوكالة إنتاجه. إنّ الوكالة المتوسّطة التي تنتج إعلاناً تلفزيونياً واحداً كلّ شهر لا يمكنها الحصول على فريق للإنتاج وعلى المعدّات في الشركة وليس بإمكانها أيضاً إحضار إثنان من مدراء المجتمع لمنافسة تدوم أسبوعين. تتحلّى الأطراف الثالثة أيضاً بالمرونة للتغيير أسرع بكثير من الوكالات. فقد وسّعت قوّتها الإستراتيجيّة وبدأت تخدم العلامات التجاريّة بطرق لا يمكن للوكالة قياسها بدون إثارة امتعاض المدير المالي في مكان ما. فقد قامت الأطراف الثالثة بتحويل شركات إنتاجها إلى ملتقيات المحتوى الإلكتروني وفرق إدارة مجتمعهم إلى شركات كاملة التطوّر للتسويق عبر شبكات التواصل الإجتماعي.
تدّعي وكالات الإعلام أنّها المحطّة الوحيدة للتخطيط الإعلامي المتكامل والشراء والمراقبة مع أنّك لا تستطيع التوقّع من وكالة الإعلام المتوسّطة اقتراح الإعلانات على منصّات ليست على دراية بها أو إدارة طرح المنتج أو حملة المحتوى ذات العلامة التجاريّة على YouTube . وتدّعي أيضاً الوكالات الإبداعيّة القيام بالتسويق المتكامل (360 درجة).
إنّ تعريف كلمة "متكامل" هو الذي تغيّر. ففي وقت سابق، تكون الحملة متكاملة إذا وجدت بوسائل الإعلام الأساسية وهي التلفزيون، الراديو، الصحف، السينما وعلى الطرقات. وقد تسلّلت الإعلانات الإلكترونيّة ببطء داخل وسائل الإعلام الأساسية واندمجت سوياً.
كما أنّ كبار وكالات الإعلام لم تتغيّر كثيراً أيضاً. ففي حين أنّ معظمها اليوم لديها خبرة أساسيّة في طرح المنتج وفي الإعلام المتنقّل، فهي غير متخصّصة ويتمّ إزالة وجودها ببطء كوسيط في معادلة التخطيط والشراء والحجز. ومع قيام معظم المنصّات بالسماح للعلامات التجارية بحجز الإعلانات وإدارتها، تجد وكالات الإعلام نفسها بحاجة إلى نطاق أوسع وإلاّ ستعاني من الكساد.
وباستخدام تعابير اليوم، لا يمكن للحملة المتكاملة تجاهل وسائل التواصل الإجتماعي، المحمول وحتّى المحتويات التابعة لعلامات تجارية. ففي الماضي، حين كانت الوكالات تقوم بالإستعانة بمصادر خارجيّة لهذا النوع من الإنتاج وشراء وسائل الإعلام فهي تدرك اليوم أنّ هذا ليس نموذج عمل مستدام وأنّه يجب جلب هذا النوع من الخبرة إلى الشركة.
والحلّ؟ فهو الإستحواذ. فمن السهل جداً أن تستحوذ وكالة متعدّدة الجنسيّات على وكالة تطوير التطبيقات مثلاً على أن تبرّر توظيف وتدريب الموظّفين الذين يمكنهم إنشاء التطبيقات في المستقبل. هناك بعض الوكالات الإبداعية التي بدأت تسير نحو ذلك الاتّجاه لكنّ وكالات الإعلام هي التي تقوم بمقارنة الأسعار وربّما نظراً لمدى خطورة وضعها.
المزيد عن فوزي رحّال
فوزي رحّال هو مؤسّس Gamutt وهي شركة استشاريّة رقميّة استراتيجيّة تركّز على وضع استراتيجيّات ويب، اجتماعية، موبايل والمحتوى ذات مستوى عالمي للعلامات التجاريّة في منطقة الشرق الأوسط. وقد ترأس فوزي سابقاً "ديدجيتل" في غراي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.