
يشير مصطلح التصنيع بالإضافة إلى عملية بناء الأجسام ثلاثية الأبعاد من خلال إضافة طبقة فوق طبقة من المواد، سواء كانت من البلاستيك أو المعدن أو الخرسانة. وقد أدّى التصنيع بالإضافة على مدى العقد الماضي، إلى تحويل عمليات التصميم والتطوير والتصنيع بشكلٍ كبير. وأحدثت هذه التقنيات تغييرات في صناعة السيارات، ما سمح بتصنيع هياكل أخفّ وزنًا وأكثر تعقيدًا وبتكاليف أقلّ. وقد شجّعت إمكانية الحصول على مواد جديدة وتطوير الأشكال القابلة للتخصيص ومدّة الإنجاز في وقتٍ أقلّ، شركات صناعة السيارات على دمج الطباعة ثلاثية الأبعاد في عملية التصنيع. وتحتاج شركات صناعة السيارات إلى الابتكار باستمرار للبقاء في صدارة المنافسين كونها واحدة من أكثر الصناعات تنافسية في جميع أنحاء العالم. وتوفّر الطباعة ثلاثية الأبعاد عاملاً قويًّا من التميّز لسببين رئيسيين: لأنها تتيح ابتكار المنتجات وتصميمها بشكلٍ أسرع وتؤدّي إلى تحويل سلسلة التوريد وخفض التكاليف.
يتمّ استخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد منذ تقديمها أساسًا لإنتاج النماذج الأولية السريعة. ومع ذلك، فإنّ التطور السريع لتكنولوجيا التصنيع بالإضافة في السنوات الأخيرة سمح بتطبيق العديد من نماذج الطباعة ثلاثية الأبعاد:
السيارات الخارقة وسيارات الفورمولا 1
جعلت مزايا عروض التصنيع بالإضافة العديدة كلّ من فرق الفورمولا 1 والشركات المصنّعة للسيارات الخارقة على حدٍّ سواء تبدأ باستخدام هذه التقنية على نطاق واسع.
لكلّ سباق فورمولا 1، ثمّة حاجة لإجراء تعديلات وإنتاج قطع غيار عند الطلب. وتسمح تقنيات التصنيع بالإضافة لفرق الفورمولا 1 ببناء قطع غيار أسرع وأقوى وأخفّ وزنًا. وتحتاج هذه القطع الجاهزة للسباق أيام وأحجام كبيرة من المال لإنتاجها ولكنّها تصبح جاهزة في غضون ساعات بفضل الطباعة ثلاثية الأبعاد، بالتالي، استفادت فرق الفورمولا 1 من هذه التكنولوجيا لطباعة الأداء والقطع الهوائية وقطع الإصلاح لعلبة التروس والأجنحة الخلفية وهيكل السيارة.
على غرار الفورمولا 1، تركّز الشركات المصنّعة للسيارات الخارقة باستمرار على الحدّ من ثلاثة أشياء: مدّة الإنجاز والتكاليف ووزن السيارة. وتمكّنت لامبورغيني، إلى جانب شريكها ستراتاسيس (الشركة الرائدة في تكنولوجيا التصنيع بالإضافة)، من إنتاج قطع غيار مطبوعة بتقنية الأبعاد الثلاث لوظائف أفينتادور الجمالية والأداء. وتقول ستراتاسيس إنّ تطوير هذه القطع من خلال التصنيع التقليدي كان سيكلّف 40 ألف دولار ويستغرق 120 يومًا في حين خفّفت الطباعة ثلاثية الأبعاد التكاليف الإجمالية إلى 3 آلاف دولار و20 يومًا، ما أدّى إلى وفورات كبيرة في التكاليف وخفض في مدة الإنجاز. وقامت أيضًا شركة كونيغسيغ، التي أنشأت سمعة بإنتاج السيارات الخارقة الأكثر تقدّمًا من الناحية الفنية على هذا الكوكب، باستخدام تكنولوجيا التصنيع بالإضافة على نطاق واسع لإنتاج سيّارتها الخارقة خفيفة الوزن. إليكم في ما يلي كيفية استخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد في عملية التصميم والتصنيع:
السيارات المطبوعة بتقنية الأبعاد الثلاث
تُعتبر Local Motors أولى الشركات التي قامت بإنتاج سيارة مطبوعة بالأبعاد الثلاثة بشكلٍ كامل وتُعرف بـ"LM3D". وتتكوّن السيارة الكهربائية من 80٪ من بلاستيك الأكريلونيتريل بوتادين ستايرين (ABS) و20٪ من ألياف الكربون. ويتمّ تعزيز البلاستيك بألياف الكربون الذي يتمّ تطبيقه على الهيكل/الإطار والجسم الخارجي وبعض الميزات الداخلية. ويكون مصدر المكونات الميكانيكية مثل البطارية والمحركات والأسلاك والتعليق، كلّها من ماركة Twizy التابعة لشركة رينو. وتكون LM3D خفيفة الوزن، ولكنّها قوية مثل أي سيارة تقليدية، وتقول الشركة إنّها متوافقة تمامًا للسير على الطريق. وسيتمّ إنتاج LM3D في المصانع الصغيرة للتصنيع بالإضافة في جميع أنحاء العالم، والتي تكون قادرة على إنتاج 250 سيارة مخصّصة سنويًّا مع نسبة صفر في النفايات المادية. وستبلغ تكلفة هذه السيارات نحو 530 ألف دولار، وتقول الشركة إنّ المشترين سيكونون قادرين على تصفّح الإنترنت وتخصيص سيارتهم والحصول عليها مطبوعة بتقنية الأبعاد الثلاث في 44 ساعة فقط.
النماذج بتقنية الأبعاد الثلاث
لا تشكّل الطباعة عامل الجذب الرئيسي للشركات المصنّعة للسيارات في التصنيع بالإضافة بل النمذجة السريعة. وانتشرت الطباعة ثلاثية الأبعاد في نمذجة السيارات بنسبة تتراوح بين 15٪ و20٪ حتى اليوم وتمثّل شركة فورد موتورز واحدة من الشركات التي اعتمدت هذه التكنولوجيا. وقد تمكّنت فورد من تقليل وقت تصميم النماذج الأولية وتكلفتها، ما مكّنها من تجربة العديد من التصاميم المختلفة لسيارات فورد جي تي وفورد فيوجن الجديدة. واستخدم المصمّمون الطباعة ثلاثية الأبعاد لتقييم كلّ من التصميم الخارجي والداخلي قبل الانتهاء منه ومن دون استهلاك الوقت والمال. وتخطّط شركة فورد أيضًا للاستفادة من التكنولوجيا بشكلٍ إضافيّ حيث قالت إنّ "الطباعة ثلاثية الأبعاد يمكن أن تقدّم نماذج أولية في غضون ساعات، ما يمكّن المصمّمون والمهندسون من اختبار التصاميم والابتكارات الجديدة وتحسينها بسرعة، وأحيانا مئات المرات".
قطع الغيار المطبوعة بتقنية الأبعاد الثلاث
قطع الغيار هي موضوع مهمّ لأيّ صناعة خضعت للتغيير نتيجة الطباعة ثلاثية الأبعاد. تحلم كلّ شركة بالقدرة على خفض سلسلة التوريد وإنتاج قطع غيار عند الطلب أقرب إلى العميل. فعلى سبيل المثال، تسعى شركات صناعة السيارات التجارية مثل أودي لتحقيق وفورات الحجم عند اعتماد الطباعة ثلاثية الأبعاد. وتستخدم تكنولوجيا التصنيع بالإضافة في مجموعةٍ متنوّعة من الطرق، ولكنّها حقّقت وفورات كبيرة بعد البدء بطباعة قطع الغيار الخاصّة بها بالأبعاد الثلاث. وتحافظ شركات صناعة السيارات على مخزونات ضخمة من قطع الغيار التي يجب شحنها في جميع أنحاء العالم، والتي تظلّ في وضع خامل لسنوات. ولكن مع الوضع الاستراتيجي للطابعات ثلاثية الأبعاد في جميع أنحاء العالم، تمكّنت شركة أودي من إزالة الإنتاج الفائض لقطع غيار معيّنة، وهي قادرة اليوم على طباعتها عند الطلب، وتوفير كميات هائلة من المال المحفوظة في المخزون الخامل. في المستقبل، ستقوم مراكز الخدمة المعتمدة ببساطة بطباعة قطع الغيار عند الحاجة والانتهاء من العملية التي تستغرق وقتًا طويلاً وتكلفة كبيرة.
التخصيص الشامل
يكسب التخصيص الكثير من المال للشركات في كلّ صناعة تقريبًا، وهذا صحيح بالتأكيد عندما يتعلّق الأمر بقطاع السيارات. ويرغب السائقون بأن تبدو سيارتهم فريدة من نوعها ولا مشكلة لديهم بدفع ثمن هذا الامتياز. ويمكن للشركات المصنّعة للسيارات بفضل الطباعة ثلاثية الأبعاد، تقديم لمسات أكثر من فريدة في مركبات العملاء مع توفير الوقت والمال. وتفتح هذه العروض بابًا جديدًا لتحقيق الأرباح وتطال نطاق التسويق لصناعة السيارات. ويمكن للطابعات ثلاثية الأبعاد اليوم إنتاج قطع غيار في العديد من الأشكال والأحجام، وتقديم نطاق عمل واسع لشركات صناعة السيارات عندما يتعلّق الأمر بإنتاج قطع غيار السيارات المخصّصة. وقد بدأت هوندا وفورد بإنتاج الأضواء المحيطة المخصّصة ولوحات المفاتيح والشارات وغيرها الكثير. ونتوقّع رؤية العديد من شركات صناعة السيارات تعتمد هذه التكنولوجيا في المستقبل القريب بفضل الوفورات في التكاليف والوقت المعنية في الطباعة ثلاثية الأبعاد لقطع غيار السيارات المخصّصة.
تقدّم تكنولوجيا التصنيع بالإضافة أكثر من مجرّد خفض التكاليف والوزن وزيادة الأرباح، وتتميّز الطباعة ثلاثية الأبعاد بالعديد من المزايا والآثار المترتّبة على صناعة السيارات بأكملها:
-
تسريع وقت الإنتاج
يوفّر التصنيع بالإضافة عملية إنتاج مستقلّة. فبعد أن يدخل المصمّمون والمهندسون المعلومات إلى ملفات CAD، تتمّ الطباعة ثلاثية الأبعاد من دون أي تدخل بشري، وبالتالي، تمنع فقدان الوقت بسبب القيود البشرية.
-
زيادة في مرونة التصميم
توفّر الطباعة ثلاثية الأبعاد إمكانيات تصميم لامتناهية. يمكن لمصنّعي السيارات تطوير المزيد من الميزات المخصّصة والهياكل خفيفة الوزن والهندسات التفصيلية وقطع الغيار متعدّدة المواد على غرار البلاستيك المقوى من ألياف الكربون في سيارة LM3D.
-
تخفيض نسبة المخاطر
توفّر الطباعة ثلاثية الأبعاد توقّعًا دقيقًا أكثر للمصنّعين وإمكانية تخطيط القدرات وتوقيت التسليم. وتهدف شركات صناعة السيارات إلى تحقيق أعلى درجة من القدرة على التنبؤ من أجل تسليم سياراتهم وقطع الغيار في الوقت المحدّد، وذلك بما أنّ التصنيع بالإضافة يقلّل من خطر تخزين المخزون الإضافي الخامل أو حتى الاستنفاذ.
-
إزالة المورّدين
بفضل الطباعة ثلاثية الأبعاد، يمكن للشركات المصنّعة للسيارات الإنتاج في نهاية سلسلة التوريد وإزالة العديد من المورّدين. ولم يعد يتعيّن جمع قطع الغيار من خلال العديد من مورّدي المكونات، ما يقلّل بشكلٍ كبير من التكاليف والاعتماد عليهم.
-
دعم الاستدامة البيئية
تساهم تكنولوجيا التصنيع بالإضافة في الحفاظ على البيئة بطرق عدّة. أولاً، تكون المواد المستخدَمة في الطباعة ثلاثية الأبعاد قابلة لإعادة التدوير بالكامل. ثانيًا، يتطلّب التصنيع ثلاثي الأبعاد كمية أقلّ بكثير من الكهرباء بالمقارنة مع العملية التقليدية. ثالثًا، تقلّل شركات صناعة السيارات من انبعاثات الكربون بنسبةٍ كبيرة من خلال إزالة الحاجة إلى التجربة والخطأ لإنتاج تصاميم متعدّدة. تستطيع شركات صناعة السيارات بفضل التصنيع بالإضافة، ابتكار التصاميم على الحاسوب وإجراء التعديلات اللازمة ثمّ طباعتها ببساطة.
الخاتمة
أحدث التصنيع بالإضافة تغييرًا كبيرًا في صناعة السيارات من حيث كيفية تصميم السيارات وتطويرها. وقامت شركات صناعة السيارات التي اعتمدت الطباعة ثلاثية الأبعاد بتحسين عملية تطوير منتجاتها بطريقةٍ لم تقم بها أيّ تكنولوجيا أخرى. وتقوم قطع غيار السيارات المنتجة باستخدام تكنولوجيا التصنيع بالإضافة بتقليل سعر السيارة وتوفير تطوير أسرع للمنتجات ومركبات أخفّ وزنًا وميزات مخصّصة. ومع ذلك، وكما هو الحال مع أيّ شكل من أشكال التكنولوجيا، ثمّة تحديات بارزة قائمة تشمل ما يلي:
-
تكاليف المعدات
-
نقص الخبرة ورأس المال البشري المدرَّب
-
عدم الدقة من البناء عبر التجميع
-
القضايا القانونية (تحصل التصاميم بالتصنيع بالإضافة على براءة اختراع، وليس على حقوق الطباعة والنشر)
-
عدم القدرة على إنتاج قطع غيار مفردة كبيرة