
كان موقع يوتيوب على رأس مملكة الفيديوهات من دون منافس وكان يستمتع بمجده وبكونه منصّة الفيديو الرقمية للجماهير. ولكن مثل كلّ الامبراطوريات، تأتي انتفاضة دائمًا لتطيح بالامبراطور. ولكن ثمّة مبرّر لهذه الانتفاضة المعيّنة إذ تقودها مملكة عملاقة أخرى.
في منتصف العام 2015، أطلق فيسبوك أول سهم وبدأ يشجّع المستخدمين لتحميل ملفات الفيديو مباشرة على منصّته مقابل الربط في موقع يوتيوب. وقد جعل هذا الأمر تجربة المستخدم في مشاهدة فيديو يوتيوب على فيسبوك تجربة فريدة وسمح للعلامات التجارية بتحقيق مشاركات أكثر فعالية من حيث التكلفة عن طريق تحميل الفيديو بشكل مباشر على المنصّة. كما أنّه بدأ يقدّم للمستخدمين وظائف مماثلة لتلك التي يقدّمها يوتيوب مثل عدم السماح بالتضمين وإدخال الفئات. هل هذه علامة على حرب وشيكة في مملكة الفيديو على مواقع التواصل الاجتماعي؟
كانت كذلك. وما زاد الشرارة هو ظهور سناب شات، الذي كان يشقّ طريقه ببطء إلى مملكة الفيديو. وقد طلب فيسبوك من سناب شات المبايعة في العام 2013 بعد جذب الشباب لكنّ سناب شات رفض ذلك. وفي مايو 2014، أصدر سناب شات وظيفة القصص (Stories) وكان فيسبوك على استعداد لدخول الحرب مع وظيفة Slingshot، والتي تمّت التضحية بها في ديسمبر 2015 بعد إثبات عدم نجاحها.
كان سناب شات لا يزال يطوّر وظائفه وفي يناير 2016، أعلن أنّه يتمّ إرسال حوالى 10 مليارات فيديوهات يوميًّا من مستخدميه. وكان على فيسبوك إدارة هذه الانتفاضة. ولذلك، في أغسطس 2016، عزّز وظيفته في إنستاغرام مع استخدام سلاح جديد: قصص إنستاجرام (Instagram Stories) والتي تقدّم الخدمة ذاتها كما خدمة سناب شات. وعلى الرغم من أنّه لا يزال مبكرًا قول ذلك، يبدو أنّ لقصص إنستاجرام (Instagram Stories) ما يلزم للحدّ من تقدّم سناب شات. لجعل الحياة أكثر صعوبة، شكّل فيسبوك وظيفة جديدة اسمها مرحلة الحياة (Lifestage) للهجوم على سناب شات. تمثّل مرحلة الحياة (Lifestage) خدمة مستقلّة أطلقها فيسبوك حديثا وتتيح للناس بناء بيان شخصيّ مكوّن تمامًا من فيديوهات. وبذلك، تكون الطريق ممهّدة أمام معركة دموية.
دعونا لا ننسى تويتر الذي كان يكافح للحفاظ على مستخدميه ومنعهم من مغادرة صفوفه. وقد أراد أيضًا الحصول على حصّة من هذه المملكة. ولذلك، أدخل في يونيو 2016 صيغ فيديو أطول وأصدر أوّل تطبيق فيديو "فاين" (Vine) خاصّ به. وقد وقّعت الشركة اتّفاقا مع اتّحاد كرة القدم الأميركي للحصول على حقوق البثّ المباشر وروّجت لتطبيق الفيديو المباشر "بيريسكوب" (Periscope) بقوّة أكثر. حاليًّا، يمثل الفيديو أفضل نوع إيرادات لتويتر. وعلى الرغم من التعاون بين جوجل وتويتر والشائعات القوية جدًّا لانضمام تويتر إلى صفوف جوجل، إلا أنّهما لا يزالان بعيدين عن تهديد العمالقة.
وبالعودة إلى الحرب الشهيرة، دعونا نلقي نظرة على بعض الإحصاءات من العمالقة. في أبريل 2015، أنتج فيسبوك 4 مليارات مشاهدة يوميًّا ثمّ تمكّن من مضاعفة هذا الرقم في 6 أشهر إلى 8 مليارات مشاهدة يوميًّا. ولكن بالعودة إلى العام 2012، مع القناعة بأنّ المشاهدة في اليوم لن تعكس صورة جيّدة على المدى الطويل ومع العلم بأنّ فيسبوك يقيس المشاهدة بعد 3 ثوان في حين يقيسها يوتيوب بعد 30 ثانية؛ قام يوتيوب بتغيير مقياسه لـ"ساعات مشاهدة الفيديو يوميا". ووفقا لموقع يوتيوب، يعود السبب في التغيير إلى أنّ المشاهدات لا تعني بالضرورة مشاركة أفضل ولكنّ ساعات المشاهدة تعني ذلك. نعم، بالتأكيد.
قرّر فيسبوك الارتقاء إلى مستوى التحدّي واعتبارًا من يناير 2016، بدأ يقيس ساعات المشاهدة أيضًا. إذًا، أين هما الآن؟ وصل فيسبوك إلى 100 مليون ساعة من مشاهدة الفيديو في اليوم في حين يوتيوب لم يصدر رسميًّا أيّ أرقام في الآونة الأخيرة، ولكن تشير التقديرات إلى أنّه وصل إلى 650 مليون ساعة من مشاهدة الفيديو يوميًّا.
يبدو أنّه يتعيّن على فيسبوك بذل بعض الجهود للّحاق به ولكنّنا نتحدّث عن فيسبوك، العملاق الذي يتمتّع بحيويّة الشركة الناشئة. في اجتماع الأرباح للفصل الثاني من شهر يوليو 2016، ألقى مارك زوكربيرج رسميًّا النقد اللاذع بالقول: "نحن نرى عالمًا موجّه نحو الفيديو أولاً، مع إدخال الفيديو في كلّ التطبيقات والخدمات".
وبعد شهر، تقبّل يوتيوب النقد اللاذع وقبل التحدّي من خلال تطوير ميزة جديدة اسمها Backstage والتي تسمح للمستخدمين بمشاركة النصوص والصور واستطلاعات الرأي مع مشتركيه. ومع تقديم فيسبوك وظيفة الفيديو في منصّته الاجتماعية، قرّر يوتيوب توفير التواصل الاجتماعي على منصّة الفيديو الخاصّة به. إنّها حرب شاملة للهيمنة على الفيديو.
"الحرب، ما هي إفادتها؟ لا شيء مطلقا. قلها، الحرب، الآن، ما هي إفادتها؟
لا شيء على الإطلاق، قلها"
حسنًا، هذه الأغنية ليست صحيحة في هذه الحالة. الحرب هنا تقدّر بمليارات الدولارات في إعلانات الفيديو، وعلى وجه الدقة، بمئتي مليار دولار.
معلومات عن مايكل: يتمتّع بأكثر من 17 عامًا من الخبرة في إدارة العلامة التجارية والاتصالات لمنظمات رائدة متعدّدة الجنسيات في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمالي أفريقيا. وهو يرأس حاليًّا منصب الشريك الإداريّ في شركة "نيتيزينسي" (Netizency).
لقراءة مقالة مشابهة:
الحاضر والمستقبل لإعلان الفيديو عبر الإنترنت