
إنّ هذه المقالة منشورة أصلاً على موقع Baizat
قام محمد العبار بالاستحواذ على JadoPado، موقع التجارة الإلكترونيّة في الإمارات العربية المتّحدة الذي أسّسه عمر قاسم بعد أيام عدّة من التكهّنات عقب محادثات بدأت على ما يبدو في شهر نوفمبر 2016.
قد يكون ثمّة حقيقة ما في تغريدة جو عكاوي، لنرى السبب. كان محمد العبار يحاول إعادة إظهار نفسه كسيّد المجال الرقميّ على جهات عدّة. فاستحوذ على متجر ابنته الإلكتروني "سيمفوني" (Symphony)، واشترى حصّة في "يوكس" (Yoox) (الشركة الأم لشركة Net-A-Porter)، وبنى حصّة 16.45٪ في "أرامكس" (Aramex)، ثم بدأ مشروع بقيمة مليار دولار، وهو أكبر منصّة للتجارة الإلكترونيّة في منطقة الشرق الأوسط. طوال هذا الوقت، قام باستعمال أمواله الخاصّة، ولكن معظمها من مؤيّديه غير المكشوفين. وبفضل الكاريزما والجاذبية والنجاح المدعوم من الدولة في إعمار، يتميّز بمصداقيّة تجعل الصحفيين في هذه المنطقة والمستثمرين الآن، يتطلّعون إليه.
الأسباب التي تجعل من الاستحواذ على JadoPado خطوة ذكيّة
إزالة المنافسة
"قُم بإقصاء منافسيك طالما يمكنك ذلك". تلقّى JadoPado دعمًا من "بيكو كابيتال" (BECO Capital) على الرغم من أنّه أصغر بكثير من Souq. وتتواجد شركة BECO حاليًّا في السوق لجمع تمويلها الثاني، مع قيمة مستهدَفة تبلغ 100 مليون دولار. وإذا نجحت في تحقيق هذا الأمر، من المحتمل أن يعني ذلك متابعة الاستثمارات في JadoPado وزيادة احتمال أن تنضمّ شركات رأس المال المغامر الأخرى إلى جولات لاحقة. ونفترض أنّ JadoPado، هي واحدة من بين كلّ الشركات التابعة لـBECO، التي لم تكن تنال اهتمامًا كبيرًا، وبخاصّةٍ بعد استحواذ "أمازون" على Souq.
الحصول على التقنية والعمليات والخبرة
من الواضح أنّ Noon.com تكافح لبدء العمل. وكان العبار قد أعلن في شهر نوفمبر 2016 عن إطلاق في يناير 2017، ما أثار الدهشة كثيرًا، وعنى أنّ المشروع كان قد بدأ منذ أشهر إن لم يكن قبل فصول عدّة. ونحن الآن في شهر مايو، ولا تزال صفحة الموقع مليئة بالوعود ولكن القليل من الأعمال. ويمكن أن تتجنّب Noon الكثير من الأخطاء التي تقوم بها في حال العمل بشكلٍ فرديّ عن طريق تجربة العمليات التي تتميّز بالمرونة والخبرة. ويظهر دور تجربة JadoPado في تعيين عمر قاسم (المؤسّس / الرئيس التنفيذي) كرئيس قسم التقنية في Noon.
تصحيح الثقافة
يبدو أنّه ثمّة بعض المسائل حول الثقافة في Noon. ويبدو أنّ عمر قاسم يركّز على هذه المسألة وفقًا لمناقشته مع Reddit. وقد تكون Noon على دراية بهذه المسائل ورأت أنّ الاستحواذ هو الحلّ الأنسب. ثمّ، لا يمكن لأحد معرفة السياسة الداخليّة في Noon، كما يعرفها أولئك الذين يعملون فيها حاليًّا.
مع ذلك...
يبدو الاستحواذ منطقيًّا للأسباب المذكورة أعلاه، ولكن نحن لا نعتقد أنّ بدء معركة مع أمازون / Souq هي فكرة ذكيّة على المدى الطويل.
قد يكون العبار يخطّط لأن تكون Noon.com مجرّد جزءٍ من منصّةٍ رقميّة أوسع مع خطط للترويج على قطاعات أخرى مع الوقت. ولكنّه يلقي بعد ذلك بمنطقه الاستراتيجي بعيدًا مع أفكار مثل إنشاء منصّة للمراسلة باللغة العربية بهدف منافسة واتساب. هل هذا حقًّا ما يريده الناس؟ بالتأكيد، تحلّ لوحات المفاتيح العربية معظم هذه المشاكل. ولكن هل يريد الأشخاص ميزات إضافيّة؟ إذا كان الأمر كذلك، يمكن لفيسبوك وواتساب إضافتها بنقرة زرّ. إنّ عدد مستخدمي فيسبوك وواتساب النشطين يوميًّا كبيرٌ جدًّا بحيث يصعب على أيّ أحد أخذ حصّةٍ بسهولة في هذا السوق وبناء سورٍ حول أيّ شيء يقومون به. وإذا نظرنا إلى ميزة القصص على سناب شات وإنستاجرام ... هكذا تكون النتيجة (قال العبار إنّه يريد الاكتتاب في 7 سنوات تقريبًا وقد يكون يتّبع خطى ايفان شبيجل).
وقد يكون العبار متأثرًا بالعمالقة الصينيّين الثلاثة (تينسنت وعلي بابا وبايدو) ويعتقد أنّه يستطيع بناء ما يشبه ذلك في منطقة الشرق الأوسط. ولكنّ هذا النموذج ليس هو الصحيح لاتّباعه. فالصين لديها كلّ من الحجم (1.4 مليار نسمة مقابل 0.36 مليار في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا) وقدرة مؤكّدة على حجب المنافسة الأجنبيّة، ما يسمح للشركات الناشئة المحليّة أن تنمو بسرعة إلى عمالقة على الصعيدين الوطني والإقليمي، حيث لا تُعتبر هذه الديناميات نفسها موجودة في هذه المنطقة.
تُعتبر استراتيجيّة العبار أبعد ما يكون عن الوضوح. إنّ حصّته في أرامكس منطقيّة بما أنّه يقدّم الحلول اللوجستية في Noon. ومع ذلك، فلا يملك الصلاحية ويمكن للمساهمين الآخرين التراجع عن معاملة Noon بشكلٍ إيجابيّ للغاية. وماذا عن حصّته في Yoox، هل هي استثمار شخصيّ أو هي تابعة للشركات العملاقة المنضوية تحت Noon؟ لا يمكننا بصراحة أن نرى أنّ Net-A-Porter تقبل ترتيب المتجر داخل المتجر ضمن العلامة التجارية Noon.com، فهي أكبر من ذلك. ربّما تقوم بدلاً من ذلك ببيع الملابس بالجملة إلى Noon، وتقاسم تخفيضات القوة الشرائية. ولكن هذا غير منطقيّ أيضًا، ولماذا المساعدة في تطوير المنافس؟ وماذا يقول المساهمون الآخرون في شركة Yoox؟
ثمّة مجالات عدّة أخرى تركّز "الأموال الذكية"، أي شركات رأس المال المغامر، على معظمها خارج نطاق التجارة الإلكترونيّة. وفي هذه المجالات، يمكن بناء منافسة أقلّ ومزايا تنافسيّة محليّة وحمايتها بسهولةٍ أكثر وإتاحة قنوات خروج واضحة من خلال المبيعات للمشترين الاستراتيجيّين. ويتساءل المرء عمّا إذا كان العبار قد اصطدم في توسيع أعماله، ويدخل بشكلٍ صحيح في مجال التكنولوجيا ولكنّه يختار المعركة الخاطئة عن طريق الخطأ. الوقت وحده كفيل أن يكشف كلّ شيء.