خطأ يرتكبه رواد الأعمال العرب: 100,000 دولار أميركي...

رجوع
Nima Adelkhani
مارس 05 2014
الشركات الناشئة
خطأ يرتكبه رواد الأعمال العرب: 100,000 دولار أميركي...
شارك هذا المقال

نلاحظ انتشار نمط معين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على مستوى جذب المستثمرين الممولين. فعوضاً عن ازدياد عدد المستثمرين المؤمنين بالسوق وبالفرص التي يحملها في طياته وعن الاستثمار في مشاريع رواد الأعمال العظيمة بهدف بناء شركات عظيمة، نلاحظ التدمير الذاتي التي تتسبّب به الشركات لأنفسها نتيحة لمحدودية التفكير المتزايدة فتتراجع فرص الأرباح وجذب المستثمرين. هل هذه الظاهرة ناتجة عن يأس الشركات أو انعدام الثقة بأفكارها؟ أم أنها ناتجة عن اعتقاد المستثمرين بأنهم المسؤولون؟

لم يسعني ألا ألاحظ هذه الظاهرة الغريبة في رحلاتي التي قمت بها مؤخراً إلى أماكن كدبي ومصر وعمان وإسطنبول والكثير من النظم الإيكولوجية الجديدة في الشرق الأوسط.

الشعار الذي نردده في الوادي دائماً هو: "ليكن تفكيرك عميقاً" ولكن بالمقابل نرى الشركات تفكّر "بسطحية". ما أسباب هذه الظاهرة؟

هذا موضوع لا أكف عن مناقشته. تعتلي الشركة المنصّة محاولةً تفسير نشاطاتها (ليس بالوضوح المطلوب) من دون إظهار أي شغف أو سرد أي قصة وغالباً ما ينتهي خطابها بالجملة الآتية: "إذا ما كان هناك أي مستثمرين هنا، نرغب في التكلّم معهم فنحن نحاول جمع 100,000 دولار أميركي. وشكراً!"

بمجرد أن تلفظ جملة "نحن نرغب في مقابلة بعض المستثمرين"، سرعان ما تتحول إلى تلك الفتاة، الغارقة في يأسها ليلة حفل التخرج، بسبب عدم وجود شاب يرافقها إلى الحفل! ولعلّه من الأفضل أن تتقدم بطلب لوظيفة فإذا ما كنت تنوي تأسيس شركة ناشئة وتتفوه بهذا الكلام، معركتك خاسرة حتّى قبل أن تبدأ!

على مر الأسبوعين الماضيين، شاهدت أكثر من 100 شركة من جميع أرجاء المنطقة وهي تعرض فكرتها ونشاطاتها (غير المثيرة للاهتمام على الإطلاق) وتطلب 100,000$! النتيجة؟ لم تحصل أي منها على سنت واحد! وبعد عرض الفكرة على عشرات المستثمرين، لم يبد أي منهم اهتماماً بأي من الشركات لأسباب عدّة. قبل كل شيء، أنت لم تدرس فكرتك بتمعّن ومن كل جوانبها وتحاول كسب بعض الوقت لتضيّع الوقت من جديد فيما تبحث عن مستثمرين آخرين وهذه المهمة أصعب بأشواط وأشواط ولا تتوافر هذه الفرص (وبالأخص في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا).

السعي وراء التمويل مصدر إلهاء ومعظم الرؤساء التنفيذيين لا يجيدون هذه المهمة-على الأقل ليس قبل المحاولة لمرات عديدة وقبل أن يكتشفوا أن نجاحها يكمن في التغليف والتمركز. في الواقع 100,000 دولار أميركي لا تسمح لك بالقيام بالكثير على

مستوى التغليف والتمركز. فلم تزعج نفسك إذاً إذا كنت ستضطر إلى إعادة الكرّة بعد بضعة أشهر. مهمّة شاقة ولا جدوى منها!

مهمة تتطلب ضعفي الوقت وثلاثة أضعاف الكلفة

إليك الواقع: إذا كنت تطلب 100,000 دولار أميركي، فكرتك صغيرة جداً وستنفذ منك الأموال قبل أن تبدأ بجني الأرباح أو الحصول على فرصة جيّدة لعرض شركتك على المستثمرين وسينتهي بك المطاف بعيداً كل البعد عن أنظار المستثمرين كالشبح كاسبر. ما هو عدد الشركات التي يتسنّى لها فرصة جيّدة لعرض مشروعها على المستثمرين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؟ شركة من أصل 1000 شركة وربما أقل.

وبالتالي إذا كنت ترغب في المحاولة، خذ رؤيتك وضاعفها 5 أضعاف أو 3 أضعاف على الأقل. تسمح لك 300 ألف دولار بالفشل مرّة والنجاح مرة وتوظيف بعض الأشخاص الذين لم تكن مدركاً لحاجتك إليهم.

كان صديق لي يردد دائماً: " مهمة تتطلب ضعفي الوقت وثلاثة أضعاف الكلفة"  أو العكس بالعكس (وفي هذه الحالة الأمر سيّان). الخلاصة: إذا كا كنت ستضيع وقتك في السعي وراء التمويل عوضاً عن التركيز على المنتج وتطوير الأعمال، أتم ذلك بالشكل الأمثل وامنح نفسك فترة زمنية تتراوح بين ال16 وال18 شهراً. إذا كان معدل الاستنفاذ الخاص بك 10,000 دولار أميركي شهرياً، يصبح هذا المعدّل 15,000 دولار أميركي شهرياً عندما تكون قد أتممت بناء ال20% الباقية من منتجك، أي ما يعادل 300 ألف دولار أميركي. أضف سيولة قيمتها 100 ألف دولار أميركي وإليك النتيجة: لقد أنشأت مدرجاً على مدى 18 شهراً لإثبات مدى جديتك. في الولايات المتحدة، هذا الرقم مضاعف مرتين على الأقل وربما ثلاث مرات!

الرئيس التنفيذي البارع شخص كثير الرؤى قادر على إثارة اهتمام المستثمر برؤيته وجعله يؤمن بأنه مجنون إلى درجة تنفيذ هذه الرؤية وضم المستثمر إليه لمساعدته على تنفيذ المشروع بفضل خبرته وشبكة معارفه وأمواله، وفقاً لهذا الترتيب!

لا يريدك المستثمر أن تضيّع المزيد من الوقت لمدة 4 أو 5 أو 6 أشهر لتعود وتعرض رؤية جديدة. يعثر المستثمرون الجيدون على صفقات جيدة ويراهنون عليها بكل ما لديهم (استناداً إلى الموارد والقيمة التي بإمكانهم إضافتها إلى المشروع)؛ ما يعني أن المستثمر الذي يطلب المشاركة مقابل ما يتراوح بين ال30 وال100 ألف دولار أميركي غير مناسب لك ولرؤيتك!

أنا شخصياً أعتقد أنه يجب إصدار قانون يمنع طلب 100,000 دولار أميركي. وعلى الأرجح هذا الطلب "غير قانوني" كونه غير ناجح. بالإضافة إلى ذلك، لا يرغب أي مستثمر في معرفة بأن 40% من الأموال ستخصص للإعلانات الهادفة إلى جذب المستخدمين. إذا ما كانوا يرغبون في الاستثمار في فايسبوك أو غوغل، كانوا ليشترون (وقد اشتروا على الأرجح) حصصاً فيها. كونك شركة ناشئة في المرحلة التمهيدية، عليك أن تكتشف كيفية جذب المستخدمين مجاناً أو تدريجياً فأيّ كان قادر على استخدام الإعلانات.

بصفتي شخص قد حضر أكثر من 2000 عرض شركة في السنوات الخمس الماضية، لا أفكر في الاستثمار في أي من الشركات ال100 التي التقيتها في الأيام ال12 الماضية؛ وليس لأنها تمثّل فرصاً سيئة بل بالعكس لقد أحببت عدداً منها ولكنني غير متأكد من أن رواد الأعمال أصحابها مدركون للجهود اللازمة لتأسيس شركة، وهو التزام لمدة 5 إلى 10 سنوات وليس بمشروع رائج وليس ممتعاً وعظيماً كما قد يبدو عليه.

الاعتماد على المستثمرين الممولين محفوف بالمجازفات وطريقه مسدودة

لا بد من أن تدرك بأن الاعتماد على المستثمرين الممولين محفوف بالمجازفات وطريقه مسدودة. والشخص المستعد للمجازفة بأمواله كالمستثمر الممول (الجيدين منهم على الأقل) لا يخوض هكذا مجازفة بهدف جني الأرباح؛ وإلّا كنا أطلقنا على المستثمرين الممولين تسمية وكلاء القروض أو وسطاء التأمين؛ هؤلاء هم الأفراد الذين يجنون الأرباح.

ما تحتاجه فعلياً هو اعتلاء المنصة والتحدّث عن فريقك وتفسير الأسباب التي تجعلك مشروعاً أفضل من غيرك، ولم يجب اختيار رؤيتك وإنجازاتك من قبل المستثمر دون غيرك من المنافسين. إذا ما وجد أحدهم مشروعك مثيراً للاهتمام سيأتي إليك. لا ضرورة للتحدّث عن السوق العالمي وقيمته البالغة 30 مليار دولار أميركي وأنك بحاجة إلى 1% فقط لتترك بصمتك في التاريخ.

وكما أخبرني صديق لي ذات مرة "كلّما طلبت أكثر كلما كان احترامهم لك أكبر". تذكّر ذلك في المرة المقبلة التي تعتلي فيها المنصة.

حظاً سعيداً!