لماذا تخسر بيئة ريادة الأعمال في الشرق الاوسط المليارات؟

رجوع
Nima Adelkhani
مارس 25 2014
استثمار
لماذا تخسر بيئة ريادة الأعمال في الشرق الاوسط المليارات؟
شارك هذا المقال

أينما كنت في منطقة الشرق الأوسط، تسمع أصداء ريادة الأعمال وتشعر بنبض الجيل الناشط الذي يسعى إلى تحقيق الأهداف والأحلام. في كل من البلدان العشرة التي زرتها في هذه المنطقة، لاحظت توافر تفويضات وهبات وصناديق التمويل وإعانات وقروض بلا فوائد ومئات الجهود الأخرى الرامية إلى دعم نمو بيئة ريادة الأعمال الشاملة. وأعتقد أن المبلغ الإجمالي المخصّص لبناء اقتصادات معرفية في جميع هذه البلدان يتخطى ال20 مليار دولار أميركي، بما يضمن فرص عمل لسكان هذه المنطقة في حال نفاذ النفط وانهيار قطاع العقارات من جديد.

وسمعت الشهر الماضي أخبار تخصيص 7 مليار دولار أميركي لدعم رواد الأعمال الكويتيين. كما خصّص مصرف لبنان المركزي 400 مليون دولار أميركي، في خطوة جريئة منه، لضمان المصارف التي تموّل الاستثمارات في شركات لبنانية. وفي السعودية، خصّصت هبات قيمتها 2 مليار دولار لحاضنات الأعمال في قطاعات محددة. وأكثر من مليار دولار خصّص للإماراتيين الذين يعتزمون إطلاق شركاتهم الخاصة. كما تدعم الدوحة 11 بيئة ريادة أعمال مختلفة بهبة قيمتها 300 مليون دولار أميركي. وهلمّا جرا.

ولكن وعلى الرغم من عظمة هذه الجهود، يبدو أن الجميع قد نسي مسألة مهمة جداً: لا أحد يحاول تصليح آلية الدعم. ففي تركيا مستثمر يجازف بأمواله الخاصة ويمنح الشركات رأسمال نمو من خلال الاستثمار فيها وفي مستقبلها. وقد خصّص الملايين في محاولة منه لتأدية دوره في إصلاح النظام الإيكولوجي وتأمين عائدات لنفسه. وهو حتماً لا يبذل هذا الجهد لأنه يشعر بالضجر إلى درجة الجنون أو لأن وهب المال وسيلته الترفيهية المفضلة. ولكن يرى النقاد "أنه يجازف بكميات كبيرة من أمواله، مما يؤدي إلى تضخّم قيمها التقديرية تضخّماً غير واقعي." فيما يفضّل آخرون الاكتفاء بالجلوس ومراقبة ما سيحدث لاحقاً مراهنين ب"أنه سيخسر ملايينه". أنا شخصياً أؤمن بأن هؤلاء الذي "يكتفون بالجلوس والمراقبة" سيفوتهم قطار النجاح، إلّا في حال كانوا يعتزمون جديّاً ركوب هذا القطار.

إليكم الواقع الدقيق: أصحلوا الشروط (الفظيعة) التي تحدّد لرواد الأعمال وجداول الرسملة والقيم التقديرية وطبّقوا قوانين أفضل من شأنها تسهيل التحضير وعملية الانطلاق. لا تطلبوا 30% مقابل 30 ألف دولار على سبيل المثال. لا تطلبوا المشاركة في مجلس إدارة شركات إذا كنتم لا تملكون أدنى فكرة عن توليد قيمة كعضو في المجلس. لا تجبروا رواد الأعمال على التخلّي عن الكثير في وقت مبكر جداً. فمهمتكم إضافة قيمة والرد على الرسائل الإلكترونية والحضور في الوقت المناسب واحترام وقت الآخرين. إذا كنتم تعرضون المساعدة، ساعدوا فعلياً ولا تقولوا "إن شاء الله" ومن ثم تختفون! نسّقوا مع أكبر عدد ممكن من المستثمرين الآخرين وتشاركوا الصفقات. آمنوا بإمكانيات رواد الأعمال وساعدوهم على تحقيق أحلامهم. سلّحوهم بالذخيرة ليتمكنوا من مواصلة خوض المعركة.

لقد صادفت في رحلتي بعض الأفراد الذين يؤمنون بالنظام الإيكولوجي وببلدهم كسوق. وغالباً ما أسمع أن "رواد الأعمال غير مستعدين أو ملتزمين" أو "لا وجود لمخارج أو من المستحيل أن يكون هناك مالكو ملكية فكرية." ومن جديد يستبعد المترددون احتمالات نجاح 1 من 10. والمضحك في الأمر أن السوق موجود وأنه بعد ضم 12 فريق إلى وادي السيليكون في مختبرات "PITME Labs "، الملاحظات الأكبر التي حصلنا عليها من 147 مرشداً كانت: "لا أصدق وجود هذا العدد الكبير من رواد الأعمال الأذكياء والملتزمين والشغوفين والمتعلمين والمثقفين والمتواضعين في الشرق الأوسط."

وغالباً ما سمعت مستثمراً أميركياً أو عالمياً موثوقاً يقول بعد معاينة صفقة من الشرق الأوسط: "لن أسمح لنفسي حتّى بأن آخذ هذه الصفقة بعين الاعتبار"، والسبب لا يمكن في عدم التزام رائد الأعمال أو عدم توافر فرصة السوق بل السبب هو الشروط التي حدّدت في المرحلة السابقة والتي استأصلت أي فرصة لرغبة شخص ما في الاستثمار.

تمثّل الشرق الأوسط الحدود النهائية لسوق يغيب فيه أي مشارك فعّال على جميع المستويات. وعلى مدى السنوات الخمس القادمة، ستتوافر ملايين الفرص للشركات الناشئة لتبني أعمالها المتينة ولكن هذا البناء متوقف على المستثمرين الذين لا بد من أن يدركوا، بأنهم إذا ما استمرّوا في صدّ رواد الأعمال وبفرض الشروط التي يحددونها حالياً، بأن كل ما يفعلونه هو تدمير أنفسهم والنظام الإيكولوجي بأسره.

--------------

تعّرف أكثر إلى "نيما أدلخاني"

"نيما أدلخاني" مؤسس مختبرات PITME . وقد أطلق بالتعاون مع آخرين يشاركونه رؤيته على change.org عريضة تطالب ب"شروط أفضل في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ".